كشفت مصادر مُطلعة لموقع "مغراب ايمرجنت" ، عن إنهاء مهام المفتش العام لدى وزارة العدل، القاضي أحمد عبد اللطيف بن مختار، بعد فترة تجاوزت السنتين على رأس هذا المنصب الحساس.
وقد جاء قرار إنهاء المهام، دون ذكر أي أسباب رسمية لهذا الإجراء.
ويُعتبر المفتش العام لوزارة العدل أحد أهم المناصب الإدارية في القطاع القضائي، حيث يضطلع بضمان السير الحسن والعادي لمختلف هيئات القضاء التابعة لوزارة العدل.
مسيرة القاضي أحمد بن مختار المهنية
يُعد القاضي أحمد عبد اللطيف بن مختار من كوادر قطاع العدالة الذين تولّوا عدة مناصب عليا قبل تعيينه مفتشًا عامًا لوزارة العدل في مطلع سنة 2022.
فقد شغل بن مختار منصب النائب العام لدى عدد من المجالس القضائية عبر الوطن. من أبرز مناصبه السابقة تولّيه منصب النائب العام لدى مجلس قضاء سعيدة، قبل أن يتم نقله لشغل نفس المنصب لدى مجلس قضاء الشلف في حركة قضائية سابقة عام 2014 .
وتدرج القاضي بن مختار في سلك القضاء عبر وظائف قضائية وإدارية هامة أهلته لتولي مسؤولية التفتيش القضائي الأعلى في الوزارة.
وقد تم تعيينه رسميًا مفتشًا عامًا لوزارة العدل في 10 فبراير 2022 خلفًا للقاضي محمد حمروش الذي أُنهيت مهامه آنذاك .
وخلال فترة توليه منصب المفتش العام أشرف بن مختار على العديد من عمليات التفتيش والتحقيق الحساسة في القطاع القضائي.
وقد مثّل وزارة العدل في عدة مناسبات رسمية، منها إشرافه على تنصيب مسؤولي هيئات قضائية كممثل عن وزير العدل حافظ الأختام في بعض الولايات.
مهام المفتشية العامة لوزارة العدل
تعتبر المفتشية العامة لوزارة العدل الهيكل التنفيذي الذي يعتمد عليه وزير العدل حافظ الأختام لمراقبة حسن سير المرافق القضائية وضمان انتظامها.
يترأس المفتشية العامة مفتش عام (بدرجة قاضٍ بدرجة معينة )، وتضم تحت إشرافه 29 مفتشاً مركزياً منتشرين عبر التراب الوطني.
يوزعون للتفتيش عبر 48 مجلس قضائي، 211 محكمة، 23 فرع و 48 محكمة إدارية.
أغلبية هؤلاء المفتشين من القضاة ذوي الخبرة، إذ يشترط القانون أن يكون مفتشو وزارة العدل قضاةً من رتبة معينة، كما يشترط في المفتش العام نفسه أن يكون قاضيًا متمرّسًا. علاوة على ذلك، يسمح القانون بتعيين مفتشين مختصين من خارج سلك القضاء في مجالات تقنية عند الحاجة، على غرار المالية والإدارة.
وبالفعل، تدعمت المفتشية العامة بثلاثة مفتشين متخصصين في الرقابة المالية والتسيير الإداري، الذين تتمثل مهمتهم في تدقيق ومراقبة التسيير الإداري والمالي للجهات القضائية إلى جانب المهام الرقابية القضائية.
وتتمثل مهام المفتشية العامة في شقّين أساسيين: التفتيش الدوري والتحرّي الخاص. فمن جهة، تتولى المفتشية تنظيم زيارات تفتيش دورية ومجدولة لكافة الجهات القضائية عبر الوطن للتأكد من سير العمل بصورة عادية وفعالة.
يشمل نطاق التفتيش جميع المجالس القضائية (محاكم الاستئناف) والمحاكم الابتدائية والفروع والمحاكم الإدارية عبر 58 ولاية، إضافة إلى الهيئات المركزية التابعة لوزارة العدل والمؤسسات العقابية (السجون) وغيرها من المصالح تحت وصاية وزير العدل .
وتجدر الإشارة إلى أن جهات عليا مثل المحكمة العليا ومجلس الدولة لا تخضعان لتفتيش المفتشية العامة بحكم استقلاليتهما القضائية .
أما الشق الثاني من المهام فيتعلق بالتحريات والتحقيقات الخاصة التي يُكلّف بها المفتش العام من قبل وزير العدل في حالات الاشتباه بوجود إخلالات أو تجاوزات من طرف قضاة أو إطارات في القطاع.
على سبيل المثال، عند ورود شكاوى من متقاضين أو بلاغات من مسؤولين قضائيين حول سلوك قاضٍ معيّن أو وجود شبهة انحراف في الأحكام، يقوم مفتشو وزارة العدل بالتحقق من صحة هذه الادعاءات بكل حياد وسرية.
وفي حال ثبوت أي إخلال مهني جسيم من قبل قاضٍ يستدعي اتخاذ إجراءات تأديبية، يرفع المفتش العام تقريرًا مفصلاً إلى وزير العدل الذي قد يرفع الأمر بدوره إلى المجلس الأعلى للقضاء للبت فيه تأديبيًا طبقًا للقوانين المعمول بها.
إنهاء المهام دون توضيح رسمي
يُذكر أن مثل هذه التغييرات في المناصب العليا للقطاع تأتي عادةً في إطار حركات إصلاحية أو إعادة هيكلة تهدف لضخ دماء جديدة في سلك العدالة، خاصة وأن منصب المفتش العام له ارتباط وثيق بتحسين أداء المرفق القضائي وضمان احترام أخلاقيات المهنة القضائية.
ويرى خبراء قانونيون أن المفتشية العامة تبقى صمام الأمان لضبط عمل المحاكم والنيابات وضمان الشفافية في تسيير شؤون العدالة.
ومن ثم، فإن أي تغيير على رأس هذا الجهاز يستقطب اهتمامًا واسعًا. ويُعرب العديد من المتابعين عن أملهم في أن يستمر الجهاز في أداء دوره الرقابي بالنجاعة المطلوبة رغم التغيير في قيادته، حفاظًا على الثقة العامة في المؤسسة القضائية.
وبينما يظل السبب الرسمي لهذا الإنهاء غير معلن، تجدر الإشارة إلى أن المفتشية العامة لدى وزارة العدل، كانت قد فتحت تحقيق ضد مرقي عقاري في مدينة وهران ، كان قد غادر التراب الوطني ، نحو فرنسا ووجهت له ولعدد من المرتبطين معه تهم فساد.
حيث صدر في حق عدد منهم أوامر إيداع الحبس المؤقت.