إنضمت الجزائر والأوروغواي إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا وذلك خلال اليوم الأول من أشغال الدورة ال58 لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تحتضنها ماليزيا.
تاسست الرابطة في عام 1976، من قبل كل من اندونيسيا وماليزيا والفليبين وسنغافورة وتايلاندا، وهي مفتوحة لانضمام دول أخرى.
وتعتبر الجزائر وأوروغواي آخر الدول المنضمة إلى المعاهدة بعد الصين وروسيا والولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوربي وفرنسا والمملكة المتحدة واليابان... وتضم حاليا 57 دولة.
والجزائر هي أول دولة إفريقية ومن منطقة "MENA" (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) التي تنضم إلى هذه المعاهدة التي تنص على "الاحترام المتبادل لاستقلال وسيادة ومساواة وسلامة الأراضي والهوية الوطنية لجميع الدول". وحق كل دولة في ممارسة وجودها الوطني بعيدًا عن أي تدخل خارجي أو تخريب أو إكراه" و"عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأطراف المتعاقدة " و"تسوية الخلافات أو النزاعات بالوسائل السلمية"...
كما تنص على تعاون الأطراف المتعاقدة ل "تسريع النمو الاقتصادي في المنطقة من أجل تعزيز أسس مجتمع أممي مزدهر وسلمي في جنوب شرق آسيا". ولهذا الغرض، "ستعزز تطوير الزراعة والصناعات لديها، وتوسيع تجارتها، وتحسين بنيتها التحتية الاقتصادية لمصلحة شعوبها. وستواصل استكشاف جميع السبل التي قد تؤدي إلى تعاون وثيق ومثمر مع دول أخرى، وكذلك مع منظمات إقليمية ودولية في مناطق أخرى من العالم".
ونقلت الصحافة الجنوب شرق أسيوية عن أحمد عطاف تصريحه أن مجموعة "آسيان" "أثبتت نجاحها في تقديم مثال للعالم حول التعاون القوي والتكامل والتواضع. نريد أن نتعلم منكم كيف نضمن تكرار ما نجحتم في تحقيقه في منطقتنا".
دول جنوب شرق آسيا : الحليف التقليدي في إطار عدم الانحياز
وعلى هذا الأساس، من شأن ترسيم علاقات التعاون مع مجموعة "آسيان" أن يسمح للجزائر بتدعيم دورها على الساحة الدولية لتعزيز احترام قواعد القانون الدولي وإعلاء قيم السلام والعدالة والاحترام المتبادل، في ظل التطورات المقلقة التي أضحى يعكسها الميل المتزايد إلى استخدام القوة في العلاقات الدولية، والجنوح المتنامي إلى انتهاك القانون الدولي، والتهميش التدريجي لمنظومة الأمم المتحدة.
لكن تبقى مثل هذه التكتلات لبلد مثل الجزائر لها أهمية رمزية أكثر من أي شيئ آخر إذا لم ننجح في تحسين علاقاتنا مع الجوار ولم ننجح في بعث تكتلات جهوية مع دول القارة وخاصة شمال إفريقيا، تسمح لنا بالتفاوض بقوة على مصالحنا في الساحة الدولية. ما يميز القارة الافريقية اليوم أنها أصبحت معقل الإرهاب الدولي وكل مصالح الاستخبارات العالمية تنشط بقوة في منطقة الساحل وعلى حدودنا الجنوبية.
فقد أصبح "الإرهاب الاسلاموي" نقطة إلتقاء وأفتراق كل مصالح الاستخبارات العالمية، مثلما قال المدير العام للأمن الخارجي الفرنسين نيكولا ليرنر، في حواره الأخير مع قناة LCI.
ولأجل ذلك قال "نبقي على قنواة الحوار مع كل أجهزة الاستخبارات كل الدول فيما يخص الإرهاب الاسلاموي مهما كانت علاقتنا الدبلوماسية مع أي دولة".
الميزة الثانية للقارة الافريقية، هي كثرة عدد الدول فيها، إذ تتكون "من حوالي خمسين دولة، منها نحو عشرين دولة يقل عدد سكانها عن عشرة ملايين نسمة، وحوالي عشرة دول يقل عدد سكانها عن مليون نسمة.
فما هو وزن كل واحدة منها في مواجهة الكيانات الكبرى التي تهيمن اليوم على الساحة العالمية؟ من جهة، هناك الصين والهند، وهما الدولتان الموحدتان الأكثر سكاناً في العالم، واللتان تسعيان لأن تصبحا قوى مركزية؛ ومن جهة أخرى، هناك اتحادات إقليمية ذات طبيعة مختلفة، تتسم وتيرة بنائها بدرجات متفاوتة من السرعة والانسجام، لكن أحد أهدافها على الأقل هو التأثير في ساحة دولية يسودها منطق العولمة" يقول عبدو ضيوف، رئيس السينغال السابق في إحدى دراساته التي نشرتها الأرضية الرقمية "CAIRN. Info".
إفرييقيا محور الإرهاب الدولي
لمواجهة العالم المتقلب إذن، حددت إفريقيا إستراتيجية لانهاء النزاعات فيها في غضون 2063، أي بعد 40 سنة من الآن. بينما مخاطر الإرهاب والفقر والحروب الأهلية تهدد معظم الدول بالزوال بعد سنوات قليلة من الآن. والرهان الثاني الذي تواجهه إفريقيا يكمن في إنقسام جهود إندماجها الجهوي وتنافس عدة دول على قيادة هذا الاندماج.
فبينما تعمل الجزائر ونيجيريا على إطلاق أنبوب غاز إفريقي نحو أوربا، تسعى المغرب لتحويل أنظار الدول الافريقية والأوربية عن الأنبوب الجزائري.
ويمتد التنافس الجزائري المغربي لقيادة الاندماج الافريقي حتى إلى الصعيد الثقافي والرياضي.
ولحسن الحظ كل المتتبعين للصراع الجزائري المغربي على التموقع الجيوسياسي وسباقهما نحو التسلح، يستبعدون إمكانية وقوع مواجهة عسكرية بين البلدين.
أما بخصوص الشق الاقتصادي، فإن "خطوة ترسيم التعاون المؤسساتي ستفتح الباب أمام فرص شراكة واعدة بين الجزائر وهذه المنظمة التي تمثل أحد أنجح نماذج الاندماج الإقليمي في العالم، لاسيما وأنها تعتبر خامس قوة اقتصادية وثالث أكبر سوق في العالم" تقول وكالة الأنباء الجزائرية. لكن ماهي الأوراق التي تملكها الجزائر لتستفيد من السوق الجنوب شرق أسيوية؟ قد تستفيد من جلب إستثمارات الشركات الماليزية والأندونيسية. لكن في ظل التأخر الذي تعرفه الجزائر في مجال جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فلا يمكن تصور نجاحها في قلب القاعدة وإحداث ثورة في هذا المجال مع المستثمرين الجنوب شرق أسيويين.
التكامل الاقتصادي الافريقي مؤجل
الجزائر تملك أوراق أكثر لتطوير تكتلاتها الاقتصادية والجيوسياسية مع الدول الافريقية، لكنها غائبة عن التكتلات المتوفرة لحد الساعة. فهي حاضرة فقط ضمن التكتل المغاربي مع تونس وليبيا وبصدد تكثيف مشاريع التعاون مع موريتانيا في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك تبقى الجزائر متأخرة جدا في مؤشر المجموعة الاقتصادية للاتحاد الافريقي المتعلق بالتكامل الاقتصادي الجهوي والقاري. فهي المرتبة الثالثة على المستوى الشمال إفريقي، أين تعود المرتبة الأولى لتونس والمرتبة الثانية للمغرب.
وعلى المستوى القاري، تحتل الجزائر المرتبة 43 من إجمالي 54 دولة إفريقية. في حين تحتل المغرب المرتبة الرابعة ومصر المرتبة السادسة. وتعود الريادة من حيث التكامل الاقتصادي مع دول القارة لجنوب إفريقيا ثم كينيا في المرتبة الثانية.
أما التكتل الأكبر في إفريقيا، فيتمثل في مجموعة دول الساحل وجنوب الصحراء. والجزائر غائبة عن هذا التكتل، فيما تحتل فيه المغرب المرتبة الثالثة من حيث التكامل الاقتصادي ضمن المجموعة التي تضم حوالي 29 دولة. وتحتل تونس في هذه المجموعة المرتبة ال19 من حيث التكامل الاقتصادي مع بلدانها وتحتل مصر المرتبة ال11 وتحتل موريتانيا المرتبة التاسعة...
تعود هذه المؤشرات لعام 2019، وقد راجعت الجزائر سياستها إتجاه إفريقيا في السنوات الأخيرة، لكنها تبقى تعاني من الضعف في المبادلات التجارية.