B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

السلطة الجزائرية و إدارة ترامب : إنفتاح على واشنطن أم تنازل عن الثروات الوطنية ؟

Par إبراهيم غانم
8 يوليو 2025
السلطة الجزائرية و إدارة ترامب : إنفتاح على واشنطن أم تنازل عن الثروات الوطنية ؟

قال الناشط السياسي ومعتقل الراي السابق، كريم طابو، في مقاله السياسي المنشور أمس، أن " السلطة الجزائرية باشرت تحوّلاً خطيراً في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية" ، واصفاً هذا التوجّه بأنه "انخراط في مسار من التنازلات يمس سيادة البلاد وثرواتها الاستراتيجية".

و في تحليله، ركّز طابو على الجانب الاقتصادي الذي اعتبره مدخلاً رئيسياً للهيمنة الأمريكية الجديدة، مشيراً إلى أن المصادقة الأخيرة على قانون المناجم يوم 16 جوان 2025 تندرج ضمن هذا السياق.

واعتبر أن هذا القانون، رغم ما تروّج له السلطات من أهداف لتحسين مناخ الاستثمار، يخلو من أي بنود تحمي المصالح الوطنية، مما يجعله بوابة لنهب الثروات المنجمية والنفطية والغازية، ويعرض البلاد لأطماع الشركات الأجنبية دون أي ضمانات سيادية.

وأكد أن هذا التوجه يتزامن مع تحركات فعلية من قبل شركات أمريكية عملاقة مثل “شيفرون” و”إيكسون موبيل”، كاشفاً أن دونالد ترامب طلب شخصياً من شركة شيفرون دراسة السوق الجزائرية لاستثمارات محتملة في الطاقة والمناجم.

كما أشار طابو إلى استقبال وفد من شركة إيكسون موبيل على مستوى رئاسة الجمهورية، بحضور وزير الطاقة والمناجم، ومدير سوناطراك، والمكلف بالشؤون الدبلوماسية، معتبراً ذلك دليلاً على رغبة أمريكية واضحة في التمركز داخل هذا القطاع الاستراتيجي.

طابو لفت أيضاً إلى أن الجزائر، بسبب مشاكل هيكلية مزمنة مثل ضعف النظام البنكي، البيروقراطية، الفساد، النظام الضريبي المختل، وعدم الاستقرار السياسي، كانت تُصنف طيلة سنوات كبلد عالي المخاطر، وهو ما قلّص فرص الاستثمار الحقيقي.

إلا أن السلطة، بحسبه، تحاول اليوم تجاوز هذه العوائق ليس بإصلاحها، بل بالتنازل عن المكاسب الاستراتيجية أملاً في دعم سياسي خارجي يُمكّنها من البقاء.

واعتبر أن هذه السياسة تُبنى على مقايضة مكشوفة: التنازل عن كل شيء للخارج من أجل الحفاظ على كل شيء في الداخل.

وقال إن الذين أوحوا بصياغة قانون المناجم يعرفون جيداً أن الإدارة الأمريكية الجديدة مهتمة تحديداً بالثروات المنجمية والمعادن النادرة واستخراج الغاز الصخري، بالإضافة إلى إنشاء البنية التحتية الضرورية لاستغلال موارد الطاقة البحرية.

وفي سياق متصل، عاد طابو إلى اتفاق أمني وقعته الجزائر يوم 22 جانفي 2024 مع القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، يتعلق بالتعاون في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب.

واعتبر أن هذا الاتفاق يطرح تساؤلات جادة، لأن قضية الإرهاب في الساحل، كما قال، ليست فقط أمنية بل ترتبط بواقع اجتماعي واقتصادي وثقافي شديد التعقيد، وبمنطقة تزخر بالمعادن والثروات وتخضع لصراعات نفوذ دولية.

وأشار إلى أن هذه المنطقة أصبحت ميداناً لصراع أجهزة مخابرات عدة دول، تسعى للسيطرة على الأرض والثروات عبر وكلاء محليين وميليشيات تابعة لها، مستغلين فشل الدول في إدارة أراضيها دون الاعتماد على هذه القوى. واعتبر أن تعزيز الوجود الأمريكي في الساحل لا تحركه دوافع إنسانية أو أمنية، بل هدفه مواجهة النفوذ الروسي والتواجد الاقتصادي الصيني، واستغلال حالة الانقسام المغاربي، وخاصة التوتر بين الجزائر والمغرب، لفرض الهيمنة الأمريكية على المنطقة بأكملها.

كما تطرق طابو إلى تصريح السفير الجزائري في واشنطن، خلال مقابلة صحفية مع “يو أس أي تو داي بزنس” يوم 20 فيفري 2025، والذي قال فيه إن “الحد الوحيد هو السماء” في إشارة إلى استعداد الجزائر للعمل مع إدارة ترامب دون قيود في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون العسكري. وأكد طابو أن هذا التصريح يعبّر بوضوح عن إرادة السلطة في الانخراط في منطق “براغماتي” يتناقض كلياً مع الالتزامات التقليدية للسياسة الخارجية الجزائرية.

واعتبر أن ما تقوم به السلطة يدخل في منطق تنازلي، بدافع تأمين مصالحها السياسية الضيقة وضمان بقائها، مقابل تقديم كل ما هو استراتيجي إلى الخارج.

وقال إن القوى الكبرى لا يعنيها معاناة الشعوب بل تسعى فقط إلى تراكم رأس المال والهيمنة السياسية والدبلوماسية، وإن هذا الواقع تحوّل إلى فرصة لأنظمة لاشرعية تريد ضمان استمرارها على حساب الأوطان.

وأكد طابو أن الذين يعتقدون أن الجزائر لا تخضع للابتزاز وأنها ما تزال تقاوم الإمبريالية الأمريكية وتتمسك بالانتماء إلى معسكر عدم الانحياز، هم في الحقيقة يعيشون على هامش تاريخهم الخاص ويغذون أوهاماً لم تعد تعكس واقع السلطة اليوم.

وختم مقاله بالتأكيد على أن النضال مستمر من أجل قيام دولة القانون، دولة عادلة وخادمة للأمة، متفتحة على التعاون الدولي دون أن تفرّط في السيادة أو تُخضع مقدرات الشعب للمصالح الأجنبية.

وقال إن واجب الوفاء لدماء الشهداء يفرض علينا أن لا نستسلم، وأن نواصل الدفاع عن الحرية والعدالة والكرامة في وجه جميع أشكال التبعية والاستغلال.