B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

“الفيزا”، العقارات… ملفات هامشية تسمم العلاقات الجزائرية الفرنسية

Par م.إيوانوغن
8 أغسطس 2025

يظل "الفيزا" رهانا كبيرًا في العلاقات الجزائرية الفرنسية. بفضل "الفيزا" تتحسن هذه العلاقات وبسببه تسوء العلاقات.

من لا يتذكر الاستقبال الجماهيري للرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، في الجزائر بكلمة واحدة: "الفيزا.. الفيزا"... ومن لا يتذكر صور طوابير الطلبة الجزائريين أمام المركز الثقافي الفرنسي لاجتياز الامتحان اللغوي الذي يفتح أبواب الحصول على "فيزا" الدراسة في فرنسا. وكانت تلك الصور أول مؤشر عن نهاية عهد الرئيس بوتفليقة.

اليوم قرر الرئيس ماكرون إستعمال ورقة "الفيزا" للحصول على ما أسماه "احترام فرنسا" من قبل السلطات الجزائرية الرافضة استلام رعاياها الذين تريد السلطات الفرنسية طردهم من أراضيها. بغض النظر عن مضمون ملفات هؤلاء الرعايا، فإن الحكومة الفرنسية لا تخفي أنها ماضية في سياسة أمنية جديدة لتشديد الرقابة عن الأجانب وحتى الفرنسيين الذين تشتبه في إنتمائهم لمجموعات تشكل خطر على الأمن العام الفرنسي، وهذا من حقها.

لكن من حق الجزائر كذلك الدفاع عن رعاياها ومطالبة السلطات الفرنسية بتمكينهم من حقوقهم القانونية. والفرق هنا مقارنة بما كان يحدث في السابق، أن الأشخاص المعنيين بالطرد، غالبا ما يكونون محل مراقبة السلطات الأمنية في البلدين. وعليه كان التعاون يجري بشكل سلس، وحتى إذا حدث اختلاف وتأخرت تسوية ملف ما، سرعان ما ينتهي الخلاف بحل توافقي.

إتفاق الشقاق

المسؤول الأول عن المديرية العامة لأمن الاقليم DGSE   قال في حواره الأخير مع وسائل الإعلام الفرنسية، أن الحوار والتعاون مع أجهزة الأمن العالمية عندما يتعلق الأمر بالخطر الاكبر. وهذا الخطر اليوم يمثله الارهاب الإسلامي. حسب نفس المسؤول، والتعاون بين أجهزة الأمن الجزائرية والفرنسية متواصل في هذا المجال، رغم الأزمة الديبلوماسية.

إذن الملفات التي تراها السلطات الفرنسية، من واجب السلطات الجزائرية، الاستجابة لها وقبول ترحيل المعنيين بها، لا تتعلق بالإرهاب الإسلاموي. في المقابل تطرق ماكرون في مراسلته لوزيره الأول فرانسوا بايرو، لقضية الكاتب الفرانكو جزائري بوعلام صنصال المحكوم عليه بالحبس النافذ لخمس سنوات، وكذا الصحفي كريستوف غليز المسجون في تيزي وزو والمحكوم عليه بسبع سنوات نافذة. وهذان الملفان من الصعب على السلطات الجزائرية أن تنفي عليهما صفة سجيني رأي وهي التي تنفي وجود سجناء الرأي في سجونها كلما طرح عليها الملف من قبل الهيئات الدولية. 

ماكرون يقول في مراسلته لفرنسوا بايرو "البوصلة الوحيدة لتحركنا هي الفاعلية. وأذكر هنا أن العام الماضي حصلنا على نتائج إيجابية  مع الجزائر وضاعفنا عدد المرحلين من 1610 عام 2017 إلى 3000 عام 2024، مهما كانت خلافاتنا السياسية". هل تراجع هذا الرقم عام 2025 ؟ من السابق لأوانه إجراء تقييم جديد لتطور التعاون بين البلدين حول ملف المرحلين، ولا يمكن الحديث عن تراجع، بسبب خلاف حول عدد من الأشخاص يعدون على أصابع اليد، حتى إذا بلغ هذا الخلاف مستوى الأزمة الديبلوماسية.

المادة 47 من قانون  الهجرة

دعا الرئيس ماكرون في مراسلته، وزيره الأول لتفعيل المادة 47 من قانون الهجرة الذي تم إصداره عام 2024.

تنص هذه المادة على أنه "يمكن رفض التأشيرة قصيرة الأمد التي يُطلبها حامل جواز سفر دبلوماسي أو جواز سفر مهمة للمواطن من دولة تتعاون بشكل غير كافٍ في إعادة قبول مواطنيها غير النظاميين أو لا تلتزم باتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف لإدارة تدفقات الهجرة".

وجاء في فقرة أخرى " يمكن رفض التأشيرة طويلة الأمد للمواطن من دولة تتعاون بشكل غير كافٍ في إعادة قبول مواطنيها غير النظاميين أو لا تلتزم باتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف لإدارة تدفقات الهجرة".

بموجب هذه المادة إذن، يعتبر تعليق العمل اتفاق 2013 بين الجزائر وفرنسا المتعلق بإعفاء حاملي جوازات السفر الديبلوماسية من التأشيرة، ما هو إلا تجسيد لقانون الهجرة الذي أثار الكثير من الجدل في فرنسا وألغى المجلس الدستوري الكثير من أحكامه. 

نفس الأمر ينطبق على دعوة الخارجية الجزائرية نظيرتها الفرنسية لإرسال وفد قصد التفاوض حول التسعيرات الجديدة للمقرات التي تشغلها السفارة الفرنسية في الجزائر بالدينار الرمزي منذ الاستقلال. فهذا الملف قديم ومقر إقامة السفير الفرنسي بالأبيار إنتهى عقد كرائها منذ سنوات ولم يتم بعد تجديده بسبب خلاف بين البلدين حول التسعيرة الجديدة.

والسؤال المطروح، لماذا يلجأ ماكرون لإثارة ضجة سياسية وإعلامية حول مسألة محسومة في القانون الفرنسي؟ ولماذا ترد الخارجية الجزائرية بإثارة ضجة سياسية وإعلامية حول ملف هي مسؤولة عن تأخر حسمه؟