تواصلت الاحتجاجات الشبابية في المغرب مساء الثلاثاء لليلة الرابعة على التوالي، لتتحول إلى مشاهد عنف واسعة بين المتظاهرين وقوات الأمن في عدة مدن، وسط شعارات غاضبة تطالب بإنهاء الفساد وتحسين خدمات التعليم والصحة.
ففي مدن الجنوب مثل تيزنيت وإنزكان وآيت عميرة، رشق مئات الشبان عناصر الشرطة بالحجارة وأضرم بعضهم النار في بنوك وسيارات تابعة للقوات العمومية، فيما وثّقت مقاطع فيديو محاولات لاقتحام أسواق مركزية. أما في وجدة شرق البلاد، فقد أصيب متظاهر بجروح خطيرة بعدما صدمته سيارة أمنية، بحسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء.
وفي العاصمة الرباط، شهدت الأحياء المكتظة اعتقالات متفرقة لعشرات الشبان الذين حاولوا إطلاق هتافات مناوئة، فيما وصفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هذه الاعتقالات بأنها "غير دستورية"، مؤكدة أن السلطات أفرجت عن 37 منهم بكفالة.
"جيل زد 212".. الاحتجاج من العالم الافتراضي إلى الشارع
تعود جذور هذه الموجة إلى مجموعة شبابية غير معلنة القيادة تُسمي نفسها "جيل زد 212"، انطلقت عبر منصات تيك توك وإنستاغرام وديسكورد لحشد الآلاف، رافعة مطالب اجتماعية خالصة تتمثل في إصلاح التعليم والصحة وتوسيع فرص العمل للشباب.
ويرى مراقبون أن الحركة تمثل امتداداً لغضب شعبي متراكم من سوء أوضاع المستشفيات العمومية، حيث أشعلت حادثة أكادير شرارة الغضب قبل أن تمتد إلى مدن أخرى. وبرغم تأكيد الحركة على سلميتها، فإن احتجاجاتها سرعان ما اصطدمت بتدخلات أمنية مشددة رافقتها أعمال عنف وتخريب.
وفي أول رد رسمي، أعلن الائتلاف الحكومي استعداده للحوار مع الشباب "داخل المؤسسات والفضاءات العمومية" لإيجاد حلول عملية، مشيداً بما وصفه بـ"رد فعل متوازن" من الأجهزة الأمنية. غير أن غياب موقف واضح من وزارة الداخلية ترك الباب مفتوحاً أمام مزيد من التساؤلات حول مسار هذه الأزمة الاجتماعية.
وبينما تتسع دائرة الغضب الشبابي في الشارع، يبدو أن المملكة أمام لحظة مفصلية لا تختبر فقط قدرة الحكومة على الاستجابة للمطالب الاجتماعية، بل أيضاً مدى استعدادها لفتح أفق جديد يقطع مع لغة المنع والقمع.