في ظرف خمس سنوات فقط، انتقلت الجزائر من مرحلة التقشف المالي إلى مستويات إنفاق غير مسبوقة، حيث بلغت الميزانية العامة التراكمية نحو 611 مليار دولار في عهد الرئيس عبد المجيد تبون (دون احتساب ميزانية 2020 المُصادق عليها في عهد عبد القادر بن صالح).
هذا التطور اللافت يأتي في سياق اقتصادي عالمي متقلب، وفي ظل أزمات داخلية مست قطاعات التموين والطاقة والمياه.
رغم أزمة كوفيد-19 وما رافقها من شح في السيولة ونذرة المواد الغذائية والخضر واللحوم، اختارت الحكومة الجزائرية توسيع حجم الإنفاق العمومي بدل تقليصه، معتبرة ذلك أداة لدعم النشاط الاقتصادي وحماية الفئات الهشة.
وتؤكد الأرقام الرسمية، إلى أن الميزانية ارتفعت من 62 مليار دولار سنة 2021 إلى 74 مليار في 2022، ثم 100 مليار في 2023، وهو أول تجاوز لحاجز المئة مليار في تاريخ المالية العمومية الجزائرية.
واستمر النمو ليصل إلى 112 مليار دولار في 2024 و128 مليار في 2025، قبل أن يلامس سقف 135 مليار دولار في مشروع قانون المالية 2026.
هذا الارتفاع لا يُفسَّر فقط بزيادة العائدات الطاقوية الناتجة عن تقلبات أسعار النفط والغاز، بل يعكس أيضًا توجّهًا حكوميًا لإعادة توزيع الموارد نحو القطاعات المنتجة كالطاقة المتجددة، الصناعة، البنى التحتية، والسياحة، إلى جانب تثبيت منظومة الدعم الاجتماعي.
ورغم محاولات تقليص التبعية للمحروقات عبر تنويع مصادر الدخل وتوسيع قاعدة الاستثمار المحلي، الا أن مداخيل المحروقات لا تزال تشكل النسبة الأكبر من مداخيل البلاد، وسط ضعف مساهمة قطاعات الصناعة الفلاحة والسياحة.
في وقت لا تزال فيه التحديات التمويلية وتذبذب الأسواق من أبرز العوائق أمام تحقيق نمو مستدام.