منذ هجوم 7 أكتوبر 2023 ورد إسرائيل الإبادي، استعادت القضية الفلسطينية مركزية لم تعرفها منذ سنوات الألفين. أعاد صراع غزة إحياء انقسامات قديمة: بين الشمال والجنوب، بين المؤسسات الدولية المشلولة والرأي العام الملتهب، بين الدول العربية الموقعة على اتفاقات التطبيع والمجتمعات المدنية التي ازدادت تضامناً مع الشعب الفلسطيني أكثر من أي وقت مضى.
لقد غيّرت هذه المرحلة أيضاً الطريقة التي يرى بها العالم الصراع ويرويه؛ فقد سبقت الصورة الدبلوماسية، وكشفت عن عدم تكافؤ القوى والأزمة الأخلاقية لنظام دولي عاجز عن منع الإفلات من العقاب. منذ ذلك الحين، تبرز القضية الفلسطينية كقضية عالمية تتقاطع فيها الحقوق الدولية، والذاكرة الاستعمارية، والعلاقات بين الشمال والجنوب. وتبقى غزة بؤرة التوترات السياسية والتعبئة الشعبية.
المساهمات التي جمعت هنا تواصل هذا التفكير. ستة مراقبين - صحفيون، أكاديميون، ممثلون سياسيون - يقدم كل منهم قراءته لمدى وتأثيرات عملية 7 أكتوبر 2023 والتحولات التي أطلقتها: رد فعل المجتمعات والنخب حول العالم، بالإضافة إلى الديناميات السياسية والاجتماعية والدبلوماسية التي ترسم اليوم توازناً جديداً في المنطقة.
معاً، تقدم هذه المساهمات نظرة متعددة حول تطور القضية الفلسطينية، وأشكال المقاومة المعاصرة، وتحولات الرأي العام، سواء في العالم العربي أو في الغرب.

عثمان لحياني
كاتب و صحفيعملية السابع من أكتوبر ليست منفصلة عن كامل سياق الاحتلال والحصار المطبق على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عاما، وبالتالي فهي رد فعل كان متوقع على كامل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الذي رفض رفع الحصار على الشعب الفلسطيني واستمر في منع دخول المواد التموينية والأدوية والمستلزمات قبل السابع أكتوبر 2023، وظلت الفصائل والمحاولات السياسية قائمة لدفع العالم والمجتمع الدولي للتحرك لرفع الحصار، لكن دون نتيجة تذكر، ونتيجة الضغط والظروف القاسية للإنسان الفلسطيني في غزة.
كل الظروف اذن كان تصنع وضعا مثل الذي حدث في السابع أكتوبر بفعل ممارسات الاحتلال وحروبه المستمرة على قطاع غزة، والاحتلال يتحمل التداعيات التي حصلت لاحقا، من تدمير للبنية التحتية ومقومات الحياة، اعتقد ان السابع أكتوبر أعاد انتاج المعضلة الأمنية المزمنة بالنسبة للكيان، تشير البيانات ان نسبة الهجرة العكسية من إسرائيل زادت ب18 في المائة مقارنة مع عام 2022، أيضا ضمن التداعيات، العملية أعطبت مسار التطبيع الذي كان يسير بسرعة كبيرة في تلك الفترة، كانت الرياض بصدد التوقيع على تفاهمات التطبيع، وكانت إسرائيل بصدد ان تحصل على تموقع جديد في المنطقة.
المستقبل تحدده بعض العوامل المرتبطة بهامش المناورة المتوفر للفلسطينيين وللمقاومة بالتحديد، ظهر ان مشكلة الانقسام الفلسطيني وغياب القرار الموحد، تبقى واحدة من أكثر العوامل التي يتلاعب عبرها الكيان، وبصرف النظر عما اذا كان بعض المقترحات المتعلقة بغزة، فان هناك متغيرات سياسية مهمة احدثها السابع اكتوبر ، انهيار وتآكل السردية الصهيونية لدى المجتمعات الغربية خاصة ،مكسب كبير القضية الفلسطينية ، ايضا هناك تحول لدى النخب في هذه المجتمعات اتجاه فلسطين ومراجعة الموقف من اسرائيل التي باتت في عزلة كئيبة، و بروز حل الدولة الفلسطينية على سطح طاولة الحل الدولي وهذه مكاسب مهمة .
مستقبل غزة مازال معقدا، لكنه اصبح مرتبط بالحل الكامل للقضية الفلسطينية، لا يمكن الحديث عن اتفاق بشان غزة دون الحديث عن ترتيبات تخص باقي المناطق الفلسطينية كالضفة الغربية، وهذا هو الإطار الوحيد الذي يمكن المقاومة ان تقبل ببعض الشروط الأمريكية ، ليس واضحا ما إذا كان ترامب يستطيع الوصول الى مرحلة لتنفيذ ورقته ، لأن الذي سيفجر الورقة ويعرقل تتفيذها ليس الفلسطينيين، ولكن اليمين الاسرائيلي المتطرف وهو نفسه الذي دمر أوسلو.

يوسف حمدان
ممثل حركة حماس في الجزائرتواصل قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس، المشاورات بشأن مقترح الرئيس ترامب بمسؤولية وطنية عالية، حيث جرت خلال الساعات الماضية لقاءات متعددة داخل أطر الحركة ومع شركاء العمل الوطني والأشقاء الوسطاء وبعض الدول المعنية بهذا الملف، وتم التأكيد على موقف الحركة الحريص على وقف العدوان على شعبنا وعلى عدم التفريط بالحقوق والثوابت الوطنية.
نحن نمر بمرحلة صعبة وقاسية يحاول فيها العدو مدعوماً من الإدارة الأمريكية انتزاع مواقف وتثبيت واقع سياسي يؤسس لشطب القضية الفلسطينية في أبعادها المختلفة، ويكرس الفصل بين أجزاء الوطن من خلال تجريد المقاومة من أوراق القوة ومن ثم الارتهان إلى مدى التزام الاحتلال بالاتفاقات.
ولذلك تدرك الحركة أبعاد وخطورة وأهداف كل بند من بنود المقترح الأمريكي، وتستوضح من الوسطاء عن البنود المبهمة والعامة التي يمكن أن تفتح أبواب للتأويل تنسف جوهر الاتفاق ومساراته الأساسية.
نؤكد أننا سنبقى أمناء على تضحيات وآلام شعبنا فعيننا لم تغب عن جراحاتنا النازفة كل يوم نتيجة لاستمرار العدوان ولكننا أيضا لن نسمح بأن ينتزعوا منا بألاعيب السياسية ما لم تنتزعه الدبابات والطائرات التي استهدفت أطفالنا ونساءنا وشعبنا وقياداتنا الوطنية.
نتحمل مسؤوليتنا التاريخية وننضج ردنا مع جميع الأطراف المعنية ونتطلع إلى مواقف الجميع الداعمة للحق الفلسطيني والرافضة لحالة الاستفراد بالقضية والشعب فهذه المواقف السياسية والشعبية هامة في توقيتها وفي تنوع مصادرها لتثبيت حالة الالتفاف حول حق شعبنا في مقاومة الاحتلال بكل السبل والأدوات ورفض كل مشاريع تصفية القضية أو الوصاية على الشعب الفلسطيني، وكذلك توسيع حالة العزل للاحتلال ومشاريعه وأدواته وحلفاءه في كافة مساحات الاشتباك معه.

محمد هناد
كاتب و أستاذ العلوم السياسيةأول تداعٍ لعملية 07 أكتوبر في غزة هو التأكد من أن القضية الفلسطينية تظل حية لن يقع التخلي عنها مهما كانت الظروف ولا يمكن قبرها بالاتفاقات الإبراهيمية أو بأية مؤامرة من هذا القبيل. كما أن من نتائج 7 أكتوبر هو فضح مستوى الإجرام الذي يمكن أن تبلغه إسرائيل ومستوى عجز «المجتمع الدولي »، أي القوى العظمى، أمام جرائم شنيعة غير مسبوقة يرتكبها عضو في الأمم المتحدة. هذا، وهناك تداع ربما لا أحد كان توقعه ألا وهو ذلك التحرر الذي بدأ يقع على مستوى الرأي العام الغربي وهو يكتشف أن أنظمة حكمهم خاضعة لإسرائيل إلى درجة لم يكونوا يتصورونها. فلننتبه إلى تلك النقاشات التي تدور في الغرب، بما في ذلك في البرلمانات، ناهيك عن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وفي الجامعات.
من التداعيات ايضا كشف مدى عقم الأنظمة العربية والإسلامية التي برهنت أنها لا تحسن سوى قمع شعوبها.غير أن كل ما يقع اليوم من مجازر في غزة وفي الضفة أيضا لم يؤدّ إلى اتحاد القادة الفلسطينيين بل زاد في تمزقهم.
أما فيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية، صراحة، لا أرى كيف ستتطور الأوضاع في الساحة بعد كل ما وقع منذ سنتين. الشيء الثابت أن العالم صار متيقنا أكثر من أي وقت مضى أن االتغاضي عن حل القضية الفلسطينية ليس حلا وأن السلم في المنطقة وخارجها يبقى مرهونا بهذا الحل. كما ان فقدان الأمل في رفع الظلم يجعل المظلوم قادرا على
القيام بأي شيء بعدما لم يعد لديه ما يفقده وقد فقد كل شيء ، بما في ذلك الأمل نفسه.

ناصر جابي
كاتب و أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائرجزء من تداعيات عملية 7 اكتو بر في غزة توضح بشكل سافر بعد سنتين من السابع من أكتوبر 03 بعد حرب الإبادة التي شنت على الشعب الفلسطيني في غزة. بالتدمير الذي لحق بالقطاع وعدد القتلى والمعطوبين وما لحق بالأملاك الفردية والجماعية. جعل من القطاع مكان غير قابل للعيش كما أراد الجيش الإسرائيلي ذلك وخطط له. قد يكون الهدف المقصود منه تهجير الفلسطينيين خارج ارضهم عندما تتوفر شروط ذلك. والقضاء على حكم حماس وحتى السلطة الفلسطينية. لتكون القضية
لنكون امام فاجعة حقيقية على المستوى الاجتماعي كأحد التداعيات المهمة لهذا العدوان بعد السابع من أكتوبر التي تريد السردية الإسرائيلية تنصيبه كبداية فعلية للصراع مع الفلسطينيين، عكس ما تقول الوقائع التاريخية على الأرض. لنكون على المستوى الاجتماعي امام جيل فلسطيني فقد علاقته بالمدرسة والصحة والاستقرار العائلي والنفسي وهو يتعرض للتقتيل قد يتحول لاحقا الى نوع من أنواع العنف القريب من الإرهاب للدفاع عن نفسه وعن بلده. ظاهرة لم تكن حاضرة في السابق. لدى حماس التي لم يكن معروفا عنها اللجوء الى"الإرهاب" قد تلجا له أجيال صغيرة من الفلسطينيين بعد ما تعرضت له بعد السابع من أكتوبر من ظلم وتنكر من ذوي القربى تحديدا لمدة أكثر من سنتين عاش فيه الشعب الفلسطيني الحصار الشامل ...
من الناحية السياسية الصورة تظهر مشهدا بمفارقة تاريخية واضحة للعيان، كما تبينه الصورة الفعلية التي تعيشها القضية الوطنية الفلسطينية التي تكون قد خسرت الكثير بعد سنتين من الحرب المعلنة على الشعب الفلسطيني من قبل اقوى جيوش العالم. فالمتشائم قد يركز على المدى القصير وهو يشاهد ضياع السلطة الفلسطينية من غزة التي كانت تمثلها حماس التي حصل حولها شبه توافق دولي بقيادة أمريكية -إسرائيلية لمنعها من الاستمرار في حكم القطاع. بذلك يخسر الشعب الفلسطيني جزء من استقلاله الوطني الذي ناضلت أجيال من اجله. لعقود أتمنى ان يكون مؤقت.
في حين قد تقوم العين المتفائلة بقراءة أخرى على المدى البعيد – وحتى المتوسط-هذه المرة وهي تركز على التأييد الشعبي العالمي الذي تحصل عليه القضية الفلسطينية بعد ما حصل في غزة من إبادة يكون مربوط بأجيال شابة يمكن ان يتحولوا في المستقبل الى داعمين أساسيين للقضية الفلسطينية مهما كانت نتائج الصراع الحالي كما يظهر في بعض البلدان الأوربية الغربية وكما بدا يظهر بعد الاعتداء على قافلة الصمود. ستغير نظرة شعوب العالم الغربي كمركز رئيسي للتأييد لإسرائيل. ينتج عنه تغيير في نظرتها لهذا البلد الذي استطاع كسب تأييدها ليحصل تغيير يتحول بموجبه هذا التأييد نحو الشعب الفلسطيني الذي عليه اقتراح نخب جديدة للعالم تبتعد فيه من الصورة النمطية السابقة التي كانت حاضرة للنخب الفلسطينية الرسمية الفاسدة .تكون قادرة على التعامل مع هذا التأييد الذي يمكن ان يكون طويل المدى كما حصل في حالة حرب فيتنام في الستينيات والسبعينيات في الدول الغربية عندما ارتبط مع حركات اجتماعية منغرسة كانت ورائه أجيال شابة تركت بصمتها منذ ستينيات القرن الماضي ليس على المستوى السياسي فقط بل الفني والثقافي كذلك .
ظني ان السابع من أكتوبر لم يكن قرارا توافقيا بين الفلسطينيين يبدوا انه كان قرار فصيل واحد وربما مجموعة صغيرة معزولة عن العالم الخارجي هي التي نفذته دون التعمق في تداعياته. أعلنت عنه بعد فترة سجن طويلة عاشتها معزولة عن العالم الخارجي وهي في غزة كأكبر سجن في العالم. اعتبارا لقراءة يغلب عليها الطابع الديني والارادوي volontariste لم يأخذ بعين الاعتبار كل موازين القوي فلسطينا عربيا ودوليا في زمن تغول فيه إسرائيليا وامريكيا اليمين المتطرف.
الذي تعامل مع ما حصل يوم 7 من أكتوبر كفرصة للانقضاض على القضية الفلسطينية وتصفيتها نهائيا كما أكدته وقائع سنتين من حرب الإبادة التي شنتها على شعب اعزل وهو يعيش حالة خذلان عربي واضحة للعيان. بالطبع لا يجب ان ننسى مسؤوليات السلطة الفلسطينية وقيادة حماس التي غامرت بالشروع في السابع من أكتوبر من دون التنسيق مع القوى السياسية الأخرى وهي تعيش عزلة عالمية عربية وفلسطينية. ركزت فيها على الجانب العسكري يمكن عده كنقطة ضعف أساسية لديها مقارنة بالطرف المقابل. وهي تعيش حالة تضخم للانا، تبين خلال هاتين السنتين انه لم يكن في محله.
لذا يمكن ان نتوقع ان القضية الفلسطينية ستعرف مرحلة انتكاسة لفترة قد تطول او تقصر أتمنى ان تكون مؤقتة في وقت يعيش فيه العالم العربي شعبيا حالة ضعف بعد فشل عمليات التغيير في أكثر من حالة وطنية. ليبقى الامل في التضامن الشعبي مع العالم الغربي الذي يمكن ان يتحول الى نقطة ارتكاز أساسية لصالح القضية الفلسطينية وهو يكتشف الظلم التاريخي الذي تعرض له هذا الشعب. بالإضافة للدروس التي ستستخلصها أجيال فلسطينية في المستقبل من اجداث السابع من أكتوبر. وكيفية تجسيدها على ارض الواقع. تبقى مربوطة بنجاح التغيير في المنطقة العربية كذلك للارتباط الكبير بين المستويات الوطنية والإقليمية والدولية .

إحسان القاضي
صحفيكنتُ في السجن يوم 7 أكتوبر 2023، وعلى الرغم من الشهادات التي نقلها إليّ محامييّ، لم أتمكن من تقدير الحجم الحقيقي وتأثير هجوم حماس والفصائل المسلحة الأخرى في غزة. أدركت لاحقًا كل أهمية ما حدث، سواء من خلال متابعة تطورات الهجوم الإسرائيلي أو عبر قراءتي لتعليق لامع للصحفي والكاتب الأمريكي آدم شاتز الذي قارن من بعض الجوانب بين 7 أكتوبر وانتفاضة 20 أغسطس 1955 في شمال قسنطينة.
السؤال الحقيقي الذي يطرحه يوم 7 أكتوبر بالنسبة لي هو معرفة مدى إمكانية إعادة تأهيل اللجوء اليوم إلى العنف المسلح ضمن كفاحات التحرر الوطني. قبل ذلك التاريخ، كان الاتجاه السائد في العالم ـ منذ سقوط جدار برلين، وخاصةً بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ـ هو تراجع العمل المسلح حتى في دعم أكثر القضايا عدالةً أمام أكثر المحتلين وحشيةً. الفلسطينيون أنفسهم ومع الانتفاضتين الأولى والثانية تخلوا، في الغالبية الساحقة، عن العنف المسلح. بطبيعة الحال، كل هجوم تمردي مثل "تيت" في فيتنام سنة 1968 أو هجوم جبهة التحرير الوطني بقيادة زيغود يوسف، يحمل معه انزلاقات لا مفر منها للعنف المناهض للاستعمار.
ردود الفعل دائمًا ما تكون غير متكافئة وتغذي في نهاية المطاف الهدف السياسي المرجو: أي الجذرية الشعبية، ونضال لا يغيره إلا السلاح في الوضع السابق. قبل 7 أكتوبر، كان الفلسطينيون يموتون في شبه تعتيم إعلامي خلال عامي 2022-2023، بمعدل شخص أو شخصين يوميًا في الضفة الغربية. من هذه الزاوية، نعم، 7 أكتوبر كسر الجمود. لكن في أي اتجاه؟
فيما يتعلق بمستقبل فلسطين، ستمر عدة سنوات قبل أن يصبح بالإمكان مناقشة عواقب 7 أكتوبر 2023. زمنيًّا مقارنة بانتفاضة 20 أغسطس، وبالقدر الواجب من النسبية، كأننا ما زلنا في اليوم الثالث أو الرابع فقط من الانتقام المستمر لأكثر من شهر في شمال قسنطينة. الحصيلة السياسية تحققت في غضون عام واحد لجبهة التحرير الوطني خلال مؤتمر الصومام في أغسطس 1956، حيث التحقت كل فصائل الحركة الوطنية، باستثناء "المصاليين"، بالمتمردين في أول نوفمبر.
أما في حالة 7 أكتوبر، فإن الإبادة الجماعية الجارية تغير القراءة. لم تكن بلا شك ضمن خطط من قرروا هجوم 2023. ولهذا السبب، سيستغرق الأمر سنوات طويلة لتقييم كيف سيتكامل هذا الاستشهاد الشعبي خلال هذين العامين في السرد الوطني الفلسطيني. وسيُقاس بناءً على ما قد يحققه أو لا يحققه. في هذه المرحلة، لا يمكن الجزم بأنه تضحية شعبية بلا مقابل. لقد أوقف مسلسل التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.
وأعاد طرح خيار الدولتين ومنحه زخمًا جديدًا. كما قوض الدعم الشعبي لإسرائيل في الرأي العام الغربي. هذه هي النقطة الأساسية.
مصير حركة حماس، سواء بقيت مسلحة أم لا، سيغدو ثانويًا. الطريق سيكون طويلًا، وحتى بعد وقف الإبادة الجماعية سيستغرق وقتًا قبل تحقق اتفاق سلام وولادة دولة فلسطينية كما وردت في اتفاقيات أوسلو. كان هذا الطريق مسدودًا بالكامل من قِبل إسرائيل، حكومتها التوسعية ومستوطنيها المتطرفين. بعد عامين من 7 أكتوبر بدأ ينفتح مجددًا. لا يزال تحت القصف والإصرار الإجرامي، لكنه بدأ ينفتح. وسيُذكر ذات يوم بأن اللجوء إلى العنف المسلح ـ من خلال كشف الطبيعة الإبادية للاحتلال ـ هو ما جعل مواصلة المسيرة ممكنة من جديد.

رمضان يوسف تاعزيبت
الناطق باسم حزب العمالاليوم، السياسة الفاشية التي تقودها الكيان الصهيوني والإبادة الجماعية المستمرة منذ عامين في غزة، تسببت في موجة صدمة عالمية. طبيعة هذا الكيان أصبحت مكشوفة أمام الرأي العام في جميع أنحاء العالم. تظاهر ملايين الأشخاص في شتى أنحاء العالم، بما في ذلك آلاف اليهود في الولايات المتحدة وأوروبا، ضد النهج الإبادي لنتنياهو قائلين له: "ليس باسمنا".
القضية الفلسطينية أصبحت عند مفترق طرق، إذ بخلاف الرأي العام في عشرات البلدان، فإن الإمبريالية الأمريكية والحكومات الأوروبية تتبع خارطة طريق دونالد ترامب التي تنضم إليها حتى قيادة السلطة الفلسطينية.
أسطول "سمود" يثبت أن التعبئة الشعبية العالمية هي التي ستنهي الأمر في نهاية المطاف وتساعد الشعب الفلسطيني على تقرير مصيره، وممارسة حقه الكوني في الحرية وتأسيس دولته.
أخيراً، لا يملك أي حكومة أو منظمة دولية الشرعية لمنع شعب من القتال من أجل استعادة جميع حقوقه، بما فيها حق العودة لسبعة ملايين لاجئ إلى أرضهم.
انجز هذا المقال كجزء من نشاط ”شبكة المواقع الاعلامية المستقلة بخصوص العالم العربي“، وهي إطار تعاون إقليمي تشارك فيه ”السفير العربي“، و”مدى مصر“، و”مغرب اميرجان“، و ”بابل ماد“ و ”ماشا الله نيوز“، و”نواة“، و”حبر“ و”أوريانXXI“.