قدر المدير العام للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، بلال عشاشة، عدد المؤسسات المصغرة التي تم تمويلها عبر مختلف أجهزة الدعم، بأكثر من 415 ألف مؤسسة مصغرة، منذ 2020، أي منذ تغيير تسمية وكالة دعم تشغيل الشباب إلى وكالة دعم وتنمية المقاولات. وبلغ معدل الدعم الذي حصل عليه كل مشروع، خمسة ملايين دينار جزائري، أي ما يعادل 2000 مليار دينار في المجموع.
ولم يقدم المدير حصيلة هذه المشاريع في الميدان، لنعرف مدى نجاح برنامج دعم المقاولاتية ومدى استفادة الاقتصاد الوطني من مبلغ الألفي مليار دينار الذي صرف في هذا الإطار. وإكتفى بالإشارة إلى تمويل نحو 2900 مشروع جديد في الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، منها 500 مشروع لتوسعة النشاط. كما أحصى نفس المصدر نحو 1,3 مليون مؤسسة مصغرة في الجزائر، بمعدل 25 مؤسسة لكل 1000 نسمة، مشيرا إلى أن الجزائر تسعى للوصول إلى المعدل العالمي في هذا المجال والمتمثل في 45 مؤسسة مصغرة لكل 1000 نسمة أو المعدل الأوربي المقدر ب 59 مؤسسة لكل 1000 نسمة.
مؤسسات عاجزة تكفلت الدولة بتسديد ديونها
إلى هنا كل شيئ عادي، لكن بمجرد إلقاء نظرة في الاحصائيات السابقة لوزارة الصناعة والديوان الوطني للإحصاء ومختلف التصريحات الرسمية في هذا الخصوص، لا نجد لأرقام مدير الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية الأثر المحسوس على النسيج الاقتصادي، زيادة على تناقضها مع واقع الحياة المؤسساتية في البلاد.
ولنبدأ بتصريح الوزير المنتدب الأسبق لدى الوزير الأول المكلف بالمؤسسة المصغرة، نسيم ضيافات، الذي قدر عدد المؤسسات المصغرة العاجزة عن تسديد ديونها بعشرات الآلاف، في عام 2022. وقال الوزير آنذاك أن صندوق ضمان القروض تسلم 45986 ملف في هذا الإطار، بين تاريخي 26 أوت 2020 أو 30 جوان 2022. وتقدر قيمة الديون المتراكمة عن هذه الملفات ب96 مليار دينار.
وأشار نفس الوزير إلى معالجة 26876 ملف من هذه الملفات وقيمة 43 مليار دينار وتم قبول 10142 ملفا بقيمة 17 مليار دينار. وأوضح ضيافات آنذاك أن الدولة قررت توقيف المتابعات القضائية ضد الشباب أصحاب المشاريع العاجزة عن تسديد ديونها، وقررت دراسة ملفاتهم قصد التكفل بديونهم أو إعادة بعث نشاطهم. وخلال نفس المناسبة (جويلية 2022)، كشف نفس الوزير عن تمويل الوكالة الوطنية لدعم المقاولاتية قرابة 16 ألف مؤسسة مصغرة منذ نشأتها عام 2020. وإذا قارنا أرقام الوزير ضيافات في عام 2022 برقم 2900 مؤسسة مصغرة تم تمويلها في الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، سنجد وتيرة عمل الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية ثابت ولم يتسارع. وفي هذه الحالة يصبح رقم 415 ألف مؤسسة مصغرة تم تمويلها منذ عام 2020، بعيد تماما عن الواقع، إلا إذا كان السيد بلال عشاشة يقصد تلك المشاريع المتراكمة منذ عهد وكالة تشغيل الشباب والتي تكفلت الدولة بتسديد ديونها أو إعادة بعث نشاطها.
مؤسسات وهمية تلقت تمويل من وكالة دعم المقاولاتية
من جهة أخرى، كشف بيان لوكالة دعم المقاولاتية في فيفري 2023، أن فرقها قامت بزيارات ميدانية في سبتمبر 2022، وشملت 22687 مؤسسة مصغرة. وكشفت هذه الحملة التفتيشية أن 12528 من هذه المؤسسات لا وجود لها في الواقع أصلا و1448 مؤسسة إقتنت العتاد الممول لكنها لم تنطلق في العمل وأن 8464 مؤسسة فقط من بين المؤسسات التي شملها التفتيش تشتغل في الواقع. الأمر الذي جعل الوكالة تقدم 342 شكوى لدى القضاء وتوجه 7600 إعذار لأصحاب هذه المشاريع.
أما بخصوص المليون و300 ألف مؤسسة مصغرة التي تحصيها الجزائر، حسب نفس المدير، فيعني هذا الرقم أن نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في بلادنا لم يتحرك منذ عام 2019، تاريخ نشر وزارة الصناعة لآخر الإحصائيات في هذا المجال. حيث أوردت رقم 1,29 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، 93 بالمائة منها هي مؤسسات صغيرة ومصغرة ومحلات تجارية ذات الشخص الطبيعي...