B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

من 5 إلى 20% من الجزائريين من أصول تركية: حينما يتساهل السفير التركي في الأرقام

Par Oussama Nadjib
18 سبتمبر 2025
السفير التركي بالجزائر.
تصريح السفير التركي يمزج بين الأرقام الاقتصادية الدقيقة والمزاعم الهوياتية المشكوك فيها.

بين 5 و20% من الجزائريين من أصول تركية. هذا ما صرّح به السفير التركي في الجزائر، محمد مجاهد كوتشوك يلماز لوكالة الاناضول التركية. تصريح يمزج بين الأرقام الاقتصادية الدقيقة والمزاعم الهوياتية المشكوك فيها.. خلف هذا التقدير غير القابل للتحقق والمثير للجدل، تبرز استراتيجية نفوذ تجعل من التاريخ أداة لإضفاء الشرعية، ومن الذاكرة وسيلة دبلوماسية.

نسبة تكشف الكثير… ما عدا الحقيقة

تثير النسبة التي طرحها الدبلوماسي الاستغراب، سواء بسبب اتساعها أو غياب دقتها. فالتقدير الذي يتراوح بين 5 و20 بالمئة، أي ما يقارب ربع سكان الجزائر، لا يستند إلى أي دراسة ديموغرافية، ولا إلى أي إحصاء رسمي أو مصدر أكاديمي. إنه أقرب إلى بناء سردي يهدف إلى الإيحاء بوجود تقارب طبيعي بين الشعبين، قائم على الإرث العثماني.
لا شك أنّ تاريخ إيالة الجزائر العثمانية ترك بصماته. فالكولوغلي – أحفاد الانكشاريين العثمانيين الذين تزوجوا جزائريات – موجودون فعلاً. لكن وزنهم الديموغرافي هامشي، وتحديد هويتهم معقّد. وفي غياب بيانات دقيقة، يلجأ السفير إلى الرموز: أسماء عائلات، أطباق مشتركة، عادات متشابهة. إنها بلاغة تشابه أكثر من كونها إثباتاً للنسب.


أرقام اقتصادية أكثر موثوقية


لا يقتصر حديث السفير على هذا الادعاء الديموغرافي الذي يفتقر إلى أي أساس. فهو يقدّم أيضاً أرقاماً اقتصادية قابلة للتحقق: 7.7 مليارات دولار من الاستثمارات التركية في الجزائر، و1600 شركة ناشطة، و6.5 مليارات دولار من المبادلات التجارية مع هدف بلوغ 10 مليارات. يُضاف إلى ذلك 80 رحلة جوية أسبوعياً بين البلدين ومئات الطلبة الجزائريين الذين تستقبلهم الجامعات التركية كل عام.
هذا الأساس الاقتصادي المتين والمتنامي حقيقة ثابتة. غير أنّ إحاطته بخطاب هويّاتي يهدف إلى تحويل التعاون إلى تحالف “طبيعي” خطوة يتجاوزها السفير بسهولة. فهو لا يكتفي بالحديث عن التجارة، بل يشير إلى «نقل إرث عمره 316 عاماً» و«امتداد تاريخي» يُفترض أنه يفسّر الشراكات الحالية. وهي أرضية أكثر حساسية لأن الوجود العثماني في الجزائر ما زال مثار جدل. فرغم أنه لا يُشبَّه بالاستعمار الاستيطاني الفرنسي، إلا أن هذا الوجود يُقرأ – وفق زاوية النظر الأيديولوجية – إما كـ«احتلال» وإما كـ«حماية».


استراتيجية قوة ناعمة

يندرج هذا الخطاب في إطار استراتيجية تركية للقوة الناعمة باتت جلية. فمنذ نحو عقد من الزمن، كثّفت أنقرة إشاراتها إلى التاريخ العثماني لتعزيز حضورها في شمال إفريقيا والبلقان والشرق الأوسط. وفي الجزائر، تتخذ هذه الاستراتيجية شكل رواية عن تقارب ثقافي، وذاكرة مشتركة، ومصير واحد. حتى لو استدعى الأمر المبالغة في المقارنات الهوياتية وتحويلها إلى إحصاءات ديموغرافية غير قابلة للتصديق.