B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

أول زيارة رسمية للوزير الأول إلى اسبانيا منذ أزمة 2022

Par S.Boudour
30 يونيو 2025
أول زيارة رسمية للوزير الأول إلى اسبانيا منذ أزمة 2022

توجه اليوم، الوزير الأول نذير العرباوي، إلى مدينة إشبيلية الإسبانية، ممثِّلاً للرئيس عبد المجيد تبون، للمشاركة في افتتاح أشغال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية الذي ينظم خلال الفترة من 30 جوان إلى 3 جويلية 2025 .

وستُبحث في هذا المؤتمر المسائل المتعلقة بتمويل التنمية، وخاصة تنفيذ برنامج أديس أبابا لدعم خطة التنمية المستدامة 2030، بهدف صياغة توصيات جماعية لسد فجوة التمويل والتنمية .

تأتي زيارة العرباوي في سياق بدء انفراج دبلوماسي جزائري–إسباني بعد أكثر من ثلاث سنوات من التوتر.

فقد شهدت العلاقات أزمة حادة في مارس 2022 عندما أعلنت الجزائر سحب سفيرها من مدريد احتجاجاً على قرار الحكومة الإسبانية دعم خطة الحكم الذاتي المغربية لصحراء الغربية .

وعلّقت حينها الجزائر معاهدة “الصداقة والتعاون” مع إسبانيا، كما علّقت إلى حد كبير وارداتها من إسبانيا بينما استمرت صادراتها من الغاز والنفط إليها .

وتسببت هذه الإجراءات بتوقف شبه تام لحركة التجارة الثنائية. فقد بلغت قيمة الصادرات الإسبانية إلى الجزائر نحو 1.017 مليار يورو في 2022، ثم هوت إلى نحو 331.8 مليون يورو فقط في 2023 ، مع استمرار ضخ الغاز الجزائري نحو إسبانيا رغم التوتر .

في منتصف يناير 2024 بدأت مؤشرات انفراج جزئي مع رفع الجزائر بعض القيود، إذ سمحت باستئناف واردات قطاعات محدودة مثل لحوم الدواجن.

وفي 7 نوفمبر 2024 أصدرت الجزائر تعليمة مصرفية برفع الحظر التجاري عن إسبانيا بشكل كامل، منهية بذلك حوالي 900 يوم من القيود .

وأوضح مصدر رسمي أن القطاع المصرفي يسمح مجدداً بإتمام المعاملات التجارية مع الشركات الإسبانية، ما يمهد لاستئناف نشاط التبادل التجاري في جميع القطاعات.

وأظهر الإحصاء أن الغاز الطبيعي ظل يشكل أحد أبرز أوجه التعاون. فقد استوردت إسبانيا نحو 11.9 مليار متر مكعب من الغاز عبر خط «مدغاز» البحري من الجزائر في 2023 ، ونحو 28.4% من وارداتها الغازية في جانفي 2025 جاء من الجزائر ، رغم الأزمة السياسية.

و مع بداية عام 2025 شهدت العلاقات مزيداً من التقارب الدبلوماسي.

و في 21 فبراير 2025 التقى وزير الخارجية أحمد عطاف بنظيره الإسباني خوسي مانويل ألباريس على هامش قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا، وهو أول لقاء رسمي بينهما منذ 2022 .

كما بدأ وزير الداخلية إبراهيم مراد زيارة رسمية لإسبانيا في نهاية الشهر ذاته، في أول زيارة حكومية منذ تفجر الأزمة .

ويأتي ذلك في ظل تحليل المحللين أن الجزائر وجدت نفسها مضطرة لتهدئة توترها مع مدريد بسبب توتر آخر مع باريس، وأن موقف مدريد الداعم للقضية الفلسطينية واعترافها بالدولة الفلسطينية عزّزا من الثقة الجزائرية بعودة “دفء” العلاقات تدريجياً .

تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تعافي هذه العلاقات قد يعود بالنفع على مجالات تعاون حيوية بين البلدين. فخلال الأزمة شلّت القيود قطاعات التجارة والاستثمار والطاقة والزراعة بين البلدين، وانهارت صادرات غربية وسجلت الجزائر تراجعاً في عائدات الواردات.

ومع رفع الحظر بالكامل في نهاية 2024، من المتوقع استئناف الصادرات والتجهيزات الإسبانية نحو السوق الجزائرية، ولا سيما في قطاعات البناء، الزراعة والصيد البحري وغيرها التي تعد شريكة استراتيجية.

وبشكل عام تشكل الجزائر شريكا هاما لإسبانيا في مجال الطاقة (خصوصاً الغاز الطبيعي)، ويتمتع البلدان بأساس متين من العلاقات الاقتصادية يعود لسنوات طويلة .

في مجملها تكشف التطورات المشار إليها عن اتفاق تلقائي بين الجزائر وإسبانيا على إعادة ربط العلاقات تدريجياً في عدة مستويات.

ويعكس الحضور الشخصي للوزير الأول العرباوي في مؤتمر إشبيلية الرغبة الجزائرية في استئناف الشراكة الاقتصادية مع أوروبا .

وتبقى الأوساط الاقتصادية تتابع عن قرب كيفية ترجمة هذا التحسن السياسي إلى أرقام فعلية في حجم التبادل والاستثمارات، مستندة إلى مؤشرات أولية عن تحسن تدريجي في التبادل التجاري والتدفقات النفطية بين الطرفين.