اعتمدت الدورة الثامنة والأربعون لهيئة الدستور الغذائي Codex Alimentarius، المنعقدة بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بروما بين 10 و14 نوفمبر 2025، المواصفة الدولية النهائية الخاصة بالتمور الطازجة، في قرار يُعدّ تتويجاً لمسار طويل قادته الجزائر للدفاع عن خصوصيات تمورها وإبراز ميزاتها النوعية داخل لجان الخبراء الدوليين.
وشاركت الجزائر في إعداد الملف عبر فريق وزاري مشترك ضم خبراء من وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وقدّم ممثلو الجزائر مساهمات تقنية وعلمية مكّنت من إدراج الخصائص النوعية للتمور الجزائرية، وفي مقدمتها صنف دقلة نور، ضمن المعايير الدولية التي تستند إليها الدول في تنظيم أسواقها واستيراد منتجات التمور.
ويُنتظر أن يعزّز هذا الاعتراف الدولي من تنافسية التمور الجزائرية في الأسواق الخارجية، خاصة وأن البلاد تُصدّر منتجها نحو عشرات الدول، فيما تشير بيانات رسمية سابقة إلى تجاوز نطاق التوزيع أكثر من 90 سوقاً عبر العالم. وتُعوّل السلطات على هذه الخطوة لرفع القيمة المضافة للصادرات الوطنية في قطاع يشهد نمواً مطّرداً.
دقلة نور: الجودة التي تعرضت لحملة تشويه
القرار يأتي في سياق جدل أثارته خلال السنوات الأخيرة تصريحات وتقارير متضاربة حول جودة التمور الجزائرية، تراوحت بين إشادات دولية بتفوّق «دقلة نور» واعتبارها من أجود التمور عالمياً، وبين شائعات صحّية وصلت حد الادعاء، في بعض الأسواق الإقليمية، بوجود مخاطر مرتبطة ببعض المنتجات.
وقد نفَت الهيئات الرقابية في تلك الدول صحة الادعاءات، مؤكدة مطابقة الشحنات للمعايير المعتمدة. وفي المقابل، كشفت دراسات جزائرية أن سلسلة إنتاج وتغليف التمور لا تزال تواجه نقاط ضعف في بعض الحلقات، خصوصاً في مراحل التكييف والتخزين، ما يستدعي تحسين الممارسات الصناعية والرقابة.
ويُرتقب أن يُطرَح القرار الدولي الجديد كأداة تنظيمية مرجعية لرفع مستوى مراقبة الجودة محلياً، خصوصاً مع إعلان وزارة التجارة الداخلية في بيانها أن إدراج الخصوصيات الجزائرية ضمن المواصفة الدولية سيمكّن من ضبط تصنيف الجودة بشكل أدقّ، ويعزّز ثقة الأسواق في المنتج الوطني. كما يُعدّ هذا التطور مكسباً استراتيجياً يساند الجهود الرامية إلى تطوير صادرات التمور والحدّ من تأثير الحملات السلبية التي تتكرر مع مواسم التسويق.
المواصفة المعتمدة تُعدّ اليوم المرجع الأكثر شمولاً لتحديد جودة التمور الطازجة عالميّاً، وإدراج الخصوصيات الجزائرية ضمنها يمنح المنتج الوطني مركزاً أفضل في خارطة التنافس الدولي، لكنه يضع في المقابل مسؤولية إضافية على المتعاملين المحليين للالتزام بمعايير الفرز، والتعبئة، والنقاوة، وسلامة التخزين والتصدير.