في خطوة أثارت الكثير من النقاش، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مؤخرًا عن قرار تنظيم تجارة “الكابا”، وهي التجارة غير الرسمية العابرة للحدود التي طالما وُضعت في خانة الظواهر غير القانونية.
هذا التحول، الذي اعتُبر بمثابة اعتراف رسمي مُتأخر بواقع اجتماعي واقتصادي مُعقّد ، شكّل مادة لمقال تحليلي نشرته المؤسسة الفكرية حول الشركات والسياسة الإقتصادية "كار" ، حاول من خلاله وضع القرار في إطاره الأوسع، دون الاكتفاء بقراءته كخطوة إجرائية معزولة.
من تجريم إلى تنظيم: تحول في النظرة الرسمية
يرى المقال أن القرار يمثل قطيعة مع خطاب سابق كان يغلب عليه "الطابع القمعي" في التعامل مع الاقتصاد غير الرسمي، معتبرًا أن تجارة “الكابا” لم تكن يومًا خيارًا احتياليًا بقدر ما كانت ممارسة اضطرارية للبقاء، تهم شريحة واسعة من المواطنين الباحثين عن مصدر دخل في ظل ضعف البدائل الرسمية.
ظاهرة تكشف عيوب النظام لا اختلال السوق فقط
بعيدًا عن شيطنة الظاهرة، يُوظف المقال هذه التجارة كمرآة تعكس اختلالات هيكلية أوسع: من اضطراب سياسات الاستيراد، إلى غياب استراتيجية تصدير، مرورًا بتعطيل إصلاحات نقدية وضريبية مؤجلة.
ويقترح أن فهم أسباب انتشار “الكابا” قد يكون أكثر نفعًا من محاولة السيطرة على نتائجها.
دور اجتماعي واقتصادي للقطاع غير الرسمي
يُلفت المقال إلى أن هذه التجارة تُؤدي، رغم طابعها غير الرسمي، وظائف اقتصادية واجتماعية حيوية: دعم الأسر محدودة الدخل، توفير سلع غير متاحة، واختبار الطلب الشعبي على المنتجات.
كما يرى أن دورها لا يتمثل في منافسة الاقتصاد الرسمي، بل في كشف نقاط ضعفه.
تنظيم ذكي بدل التجريم الشامل
وبدل الدعوة إلى القمع، يدعو المقال إلى تنظيم عقلاني ومتدرج، من خلال آليات رقابة لاحقة، معايير مبسطة، وتكوين للمتعاملين الصغار، مع الحفاظ على روح النشاط كمتنفس اقتصادي لا يمكن تجاهله أو شطبه دون بدائل واقعية.
الهامش كصورة صادقة للمركز
كما اعتبر المقال، أن "الفوضى في النشاط غير الرسمي" ليست إلا انعكاسًا لفوضى أوسع في النظام الاقتصادي الرسمي، وأن معالجة الظواهر الهامشية لن تكون مجدية دون إصلاح جذري في الحوكمة، والتخطيط، واستقرار السياسات العامة.
ويبقى قرار تقنين تجارة "الكابا" ، مُحاولة لتحويل مناسبة جزئية إلى فرصة لإعادة طرح الأسئلة الكبرى حول مستقبل الاقتصاد الجزائري، وحدود العلاقة بين الرسمي وغير الرسمي، وما إذا كانت الهامشية مجرد خلل… أم نظام بديل تولّده الحاجة ويُغذّيه التأجيل.
من هي مؤسسة "كار"
وتعتبر مؤسسة "كار" جمعية جزائرية غير ربحية تأسست في عام 2001 ، ولدت من إرادة أعضائها الذين يرغبون في التفكير والتصرف والتواصل حول القضايا المتعلقة بالشركة و بيئتها، مقتنعة بأن التنمية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية في الجزائر مرتبطان بشكل خاص بتطور الشركة.
فهي عبارة عن مساحة اجتماع من نوع "مؤسسة فكرية" ، تدور حول القيم المشتركة والرغبة في العمل.
مهمتها المساهمة في تحسين ظروف التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للبلاد ، من خلال التفكير والتواصل وتعزيز أي مبادرة اقتصادية إيجابية
مهمتها كذلك تكمن في المساهمة في تحسين ظروف التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للبلاد، من خلال التفكير والتواصل ودعم أي مبادرة اقتصادية إيجابية.