أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء ، إدراج الجزائر ضمن القائمة المحدثة للدول “عالية المخاطر” في مجال غسل الأموال ، في خطوة من شأنها أن تفرض قيودًا إضافية على التحويلات والمعاملات المالية بين الجزائر والدول الأعضاء في التكتل الأوروبي.
في حين لم يصدر أي تعليق أو تعقيب من الجانب الرسمي الجزائري لغاية اللحظة.
وجاء هذا القرار ضمن تحديث جديد أجرته المفوضية الأوروبية للقائمة المالية السوداء، استنادًا إلى تقارير صادرة عن مجموعة العمل المالي الدولية (فا تي أف)، والتي تُعد الجهة المرجعية في مجال مراقبة تطبيق المعايير الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ووفقًا للبيان الأوروبي، فإن الجزائر أُدرجت بسبب “قصور استراتيجي” في أنظمتها للرقابة المالية ومكافحة التبييض، رغم الجهود السابقة التي بذلتها الجزائر في هذا المجال.
تداعيات التصنيف الأوروبي
ويعني إدراج الجزائر في هذه القائمة خضوعها لإجراءات رقابية مشددة من قبل المؤسسات المالية الأوروبية، حيث يتعين على البنوك والمصارف داخل الاتحاد الأوروبي إجراء فحوصات دقيقة ومعمقة على التحويلات والمعاملات القادمة من الجزائر أو المرتبطة بها.
ويمتد التأثير ليشمل المستثمرين، وشركات التحويلات المالية، وحتى الأفراد الذين يقومون بعمليات مالية دولية.
ووفقًا للوائح الاتحاد الأوروبي، فإن التصنيف يدخل حيز التنفيذ بعد شهر من الإعلان عنه، ما لم يتم اعتراضه من قبل البرلمان الأوروبي أو مجلس الاتحاد.
وتؤكد المفوضية أن الغرض من هذه القائمة هو حماية النظام المالي الأوروبي من مخاطر التورط في عمليات غسل أموال أو تمويل أنشطة غير قانونية.
دول أخرى مشمولة في التحديث
لم تكن الجزائر وحدها ضمن التحديث الجديد. فقد تم إدراج كل من لبنان وموناكو وباربادوس وغيانا وجزر كايمان وبنما، في حين تم شطب دولة الإمارات العربية المتحدة من القائمة، بعد أن سجلت “تقدمًا ملحوظًا” في تحسين نظامها الرقابي، وفقًا للمفوضية.
لبنان، الذي يعاني من أزمة مالية خانقة منذ سنوات، تم تصنيفه كذلك ضمن الدول عالية الخطورة، وسط تزايد المخاوف الأوروبية من غياب الشفافية وتفاقم الفساد المالي.
أما موناكو، الإمارة الصغيرة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، فقد أضيفت لأول مرة إلى القائمة، وهو ما يُعد مؤشراً على تشديد الرقابة الأوروبية حتى على الدول ذات الأنظمة المصرفية المستقرة سابقًا.
موقف مجموعة العمل المالي
وأوضحت مجموعة العمل المالي أن الدول المُدرجة تعاني من ثغرات في تطبيق التوصيات الأربعين المعتمدة دوليًا في مجال مكافحة غسل الأموال، مشيرة إلى أن بعض هذه الدول، من بينها الجزائر، لم تنجح في تنفيذ إصلاحات جوهرية ضمن المهلة الزمنية الممنوحة لها.
ودعت المجموعة جميع الدول المُدرجة إلى الإسراع في تكييف أنظمتها التشريعية والمؤسساتية مع المعايير الدولية، والعمل بشكل وثيق مع فرق الرقابة والتقييم المعتمدة دوليًا.
الجزائر أمام تحدي الاستجابة
يأتي هذا التصنيف في وقت حساس تمر فيه الجزائر بتحولات اقتصادية، وتطمح لجذب استثمارات أجنبية وتعزيز شراكاتها الاقتصادية مع أوروبا. ومن شأن هذا القرار أن يُعقّد التعاملات المالية، ويثير حذر المستثمرين، ويزيد الضغط على الحكومة الجزائرية لتسريع إصلاحات شاملة في مجالات الحوكمة المالية، والشفافية، ومكافحة الفساد.
ولم تصدر السلطات الجزائرية حتى الآن بياناً رسمياً بخصوص هذا التصنيف الأوروبي، غير أن مراقبين يتوقعون أن تسعى الجزائر إلى تدارك الموقف عبر مراجعة سريعة للإطار القانوني الناظم للقطاع المالي، وتكثيف التعاون مع الهيئات الدولية المختصة.
هذا ولا تحمل قائمة الاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر في مجال غسل الأموال طابعًا عقابيًا مباشرًا، لكنها تُشكل أداة رقابية ووقائية تهدف إلى حماية النظام المالي الأوروبي من التورط في أنشطة غير مشروعة، وتحث الدول المعنية على إجراء إصلاحات فورية وعميقة.