تتواصل شكاوى عدد من المرقين العقاريين بولاية وهران من تعقيدات إدارية غير مبررة في معالجة ملفاتهم، مقابل تسهيلات توصف بـ«السريعة والانتقائية» يستفيد منها آخرون، خاصة في ما يتعلق برخص البناء والرخص التعديلية. هذا الوضع يعكس اختلالًا واضحًا في تسيير قطاع يفترض أن يكون رافعة حقيقية للتنمية الحضرية، ويطرح تساؤلات جدية حول معايير المعالجة داخل بعض البلديات، وعلى رأسها بلدية بئر الجير، التي تحولت في نظر مهنيين إلى «عنق زجاجة» يعطل المشاريع بدل مرافقتها.
وفي هذا السياق، يبرز ملف المرقي العقاري خوجة زوبير كمثال صارخ على ما يصفه المتابعون بـ«الإدارة الثقيلة». فمشروع 331 مسكن ترقوي (سلسبيل) بمنطقة بلقايد ظل رهينة التأخير الإداري لما يقارب ثلاث سنوات، بسبب عدم تسليم رخصة بناء تعديلية، رغم استكمال الملف من الناحية التقنية والقانونية. هذا التأخير، الذي تتحمل بلدية بئر الجير مسؤوليته المباشرة بحسب وثائق اطلعنا عليها، لم ينعكس فقط على وتيرة الإنجاز، بل تسبب في مشاكل مع المكتتبين، وألحق خسائر مالية معتبرة بمرقٍ أنجز مشروعه بأمواله الخاصة، دون أي دعم عمومي. والأكثر إثارة للاستغراب، أن نفس البلدية تمنح رخصًا لمشاريع أخرى في آجال قصيرة جدًا، ما يعزز الإحساس بازدواجية المعايير وغياب الشفافية.
ورغم مراسلة اللجنة الولائية المكلفة بمتابعة رفع القيود التابعة لمديرية الصناعة لولاية وهران، والتي أكدت موافقتها على ملف شركة أورل ترافوبات، ودعت صراحة رئيس المجلس الشعبي البلدي لبئر الجير إلى استصدار الرخصة التعديلية وفق النصوص التنظيمية، إلا أن الملف بقي معلقًا، في مشهد يعكس فجوة واضحة بين قرارات اللجان الولائية وتطبيقها على المستوى المحلي. بلدية بئر الجير، بهذا السلوك، لا تبدو فقط متأخرة إداريًا، بل تُتهم بعرقلة مشاريع استثمارية جاهزة للدخول حيز الخدمة، في وقت تتحدث فيه السلطات عن تشجيع الاستثمار ومحاربة البيروقراطية.
وأمام هذا الوضع، يوجه المرقون العقاريون نداءً هادئًا لكنه صريحًا إلى والي ولاية وهران، من أجل التدخل لوضع حد لهذه الانسدادات، وتفعيل دور الشباك الموحد، وضمان معاملة متكافئة وشفافة لكل المستثمرين دون استثناء. فالنقد الموجه لبلدية بئر الجير اليوم لا يهدف إلى التصعيد، بقدر ما هو دعوة إلى تصحيح المسار، لأن استمرار هذا التسيير الانتقائي لا يضر بالمرقين فقط، بل ينعكس سلبًا على صورة وهران كقطب عمراني واستثماري يفترض أن يُدار بقواعد واضحة ومسؤولية كاملة.

