تفاعل التلفزيون الرسمي الجزائري مع التصريحات التي أدلى بها مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية والشرق أوسطية، مسعد بولس، أمس، بشأن الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر بين الجزائر والمغرب حول الخلاف القائم بشأن تسوية النزاع في الصحراء الغربية.
حيث ذكر التلفزيون الرسمي الجزائري، في منشور له عبر صفحته على "ميتا"، أن مستشار الرئيس الأمريكي ومبعوثه الخاص لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، مسعد بولس، أكد في تصريحات إعلامية أن إدارة ترامب تسعى إلى حل قضية الصحراء الغربية بحل يرضي الطرفين.
وأضاف التلفزيون الرسمي الجزائري أن مستشار ترامب اعتبر أن "ملف الصحراء الغربية هو ملف مهم جداً عمره تقريباً خمسون سنة، والحل يجب أن يكون مقبولاً من الطرفين".
في حين تتمسك جبهة "البوليساريو" الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي ، بـ" الاستقلال التام للجمهورية الصحراوية في سياق تسوية أخر مستعمرة في إفريقية"، وهو الطرح الذي تدعمه وتؤيده الجزائر سياسياً ودبلومسياً.
وانعسكت الأزمة السياسية والدبلوماسية بين الجزائر والمغرب والبوليساريو، حول المستعمرة الإسبانية السابقة، سلباً على واقع الإقتصاد والحركية التجارة في المنطقة ، قبل أن يعمق قرار تطبيع المملكة المغربية مع الإحتلال الإسرائيلي، الأزمة.
حيث ظفرت المغرب بعدة صفقات تسلح وتعاون مع الويلات المتحدة الأمريكية و عدد من الدول الأوروبية بعد قرار التطبيع، التي لقي إعتراضاً شديداً من طرف الشارع المغربي.
في حين اختارت الجزائر، تعزيز تعاونها المغاربي البيني إقتصادياً وتجارياً مع ما تبقى من دول إتحاد المغرب العربي، ممثلة في تونس وليبيا اللتان تعارضان بشدة التطبيع مع الإحتلال الإسرائيلي.
ومنذ إعلان المغرب التطبيع مع إسرائيل، وقعت الدول المغاربية الثلاثة عدة إتفاقيات ومذكرات تعاون إقتصادي، في مجال الكهرباء والأمن المائي وحركة التجارة عبر الحدود البرية، إضافة إلى رمي الجزائر بثقلها التعاوني الإقتصادي مع موريتانيا، التي تسمكت بـما تصفه بـ"الحياد الإيجابي" اتجاه نزاع الصحراء الغربية.
وفي مقابل ذلك، قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، ما نجم عنه تعليق صادرات الغاز نحو إسبانيا مروراً بالمملكة المغربية، فيما بقيت خطوط نقل الكهرباء الثلاث من الجزائر إلى المغرب ، انطلاقا من خط ولاية تلمسان ـ وجدة (1992)، ودائرة الغزوات ـ وجدة (1988) وحاسي عامر ـ بورديم (2009) ، خارج الخدمة منذ تاريخ شهر نوفمبر 2021 إلى يومنا هذا، مقابل تعزيز الرقابة على الحدود البرية وفرض تأشيرة على المواطنين المغاربة القاصدين الجزائر.
في حين كثفت الدول المغاربية الثلاثة ـ جهودها تعاونها في مجال الطاقة والمحروقاتـ، أين أطلقت عدة مشاريع ثلاثية ، منها مشروع ربط الجزائر تونس وليبيا بخط كهربائي جديد، الذي يسمح للجزائر تصدير فائضها من الكهرباء وتعزيزاً لخمسة خطوط كهربائية تربط الجزائر وتونس وثلاثة خطوط كهربائية تربط الجزائر بليبيا.
وأمام محاولات توظيف المغرب لورقة الأمن المائي ضد الجزائر، عزّزت الجزائر مؤخراً قدراتها المائية، بتدشين ستة محطات لتحلية مياه البحر غرباً وشرقاً، مقابل توقيع اتفاقية ثلاثية بين تونس وليبيا والجزائر لتسيير المياه الجوفية شرق البلاد.
وفي سياق السباق نحو العمق الإفريقي ، راح فتح المغرب يفتتح خط نقل السلع والبضائع نحو إفريقيا انطلاقا من الأراضي الصحراوية مروراً بموريتانيا عبر معبر القرقرات البري ، فيما اتجهت الجزائر بدروها لإعلان مشروع ربطها بالعمق الإفريقي عبر مشروع خط الطريق تندوف الزويرات الإستراتجي ، الذي سيصبح عصباً إقتصادي بري بين الدول المغاربية والإفريقية.
فيما يشتد الصراع بين البلدين المغاربيان المتنافسان، على جميع الأصعدة، على ملف الغاز بدول نيجريا، تبدو فيه الجزائر في رواق أفضل لنقل الغاز عبر الأنبوب العابر للصحراء الرابط بين الجزائر، النيجر ونيجريا.
في حين، تبقى السيناريوهات الإقتصادية، المتوقعة، في حال إيجاد حل نهائي لملف الصحراء الغربية، حلاً تقبله جميع الأطراف، المغرب ، جبهة البوليساريو والجزائر، سيناريوهات واعدة جداً على الصعيدين الإقتصادي المغاربي والإفريقي فالمتوسطي والأوروبي.
ومن شأن نجاح، خطة دونلد ترامب التي لم تتضح بشكل جيد، والخاصة بإيجاد حل يرضي الأطراف المتنازعة حول الصحراء الغربية ، أن تبنى معالم تعاون إقتصادي مغاربي وإفريقي غير مسبوق في المنطقة،
حيث قد يطرح تجاوز الخلاف حول هذا الملف، تجاوز التعطيل الإقتصادي ، بتعزيز التكامل الإقليمي بين الدول المغاربية، مما يعزز التجارة والاستثمارات بينها و جذب الاستثمارات الأجنبية، مما يعزز النمو الاقتصادي في المنطقة.
كما أن حل النزاع سيساهم في تحسين العلاقات التجارية بين المغرب والجزائر، مما يعزز التبادل التجاري بينهما وسيمكن من استغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية، مثل الفوسفات والحديد، مما يعزز الاقتصاد المحلي.
سيناريو ومشروع ليس بالمستحيل، بقدر ما يكون التعويل على ضرورة إنجاح مشروع إيجاد حل توافقي يرضي جميع الأطراف، هو الخطوة الأصعب، إن لم تكن مستحيلة، في ظل رفض المغرب مناقشة حق الصحراويين في إقامة جمهورية ورفض الصحراويين التنازل عن أي شبر من أراضيهم.
س.ب