ذكرت تقارير شركة "أيناغاز" الإسبانية ، ان صادرات الغاز الطبيعي الجزائري إلى أوروبا سجلن أداءً قوياً خلال الربع الأول من عام 2025، مما يعزز موقع الجزائر كمصدر موثوق في مشهد الطاقة الأوروبي، الذي أعيد تشكيله بعد تقليص الإمدادات الروسية إثر الحرب في أوكرانيا.
وارتفعت الإمدادات الجزائرية إلى إيطاليا بنسبة 31.2% لتبلغ 2.765 مليار متر مكعب خلال شهري جانفي وفيفري فقط، مقارنة بنفس الفترة من 2024. كما زادت الصادرات إلى إسبانيا بنسبة 12%، لتبلغ الحصة السوقية للجزائر في أوروبا 32.01% من إجمالي الإمدادات، بإجمالي عبر الأنابيب بلغ 28.817 جيغاواط ساعي.
الجزائر في موقع متقدم بين مموني أوروبا
وفقاً لأحدث البيانات الأوروبية، تحتل الجزائر المرتبة الثانية في قائمة أكبر مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بعد النرويج، متقدمة على دول كبرى مثل قطر وروسيا في بعض الأسواق.
وبلغت واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الجزائري خلال الثلاثي الأول من 2025 زيادة بنسبة 13% مقارنة بالفترة نفسها من 2024.
واستعادت الجزائر موقعها كمصدر أول للغاز نحو إسبانيا، وواصلت هيمنتها على السوق الإيطالية عبر شبكة أنابيب “ترانسميد” والغاز الطبيعي المسال، الذي بلغ حجمه نحو 1.16 مليون طن في مارس، وهو الأعلى منذ نوفمبر 2023.
الجزائر وروسيا: انتقال في موازين الطاقة الأوروبية؟
كانت روسيا قبل الحرب في أوكرانيا، تزوّد أوروبا بأكثر من 150 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز، ما يعادل نحو 40% من احتياجات القارة.
لكن بفعل العقوبات الأوروبية ووقف خطوط الإمداد كـ”نورد ستريم”، انهارت هذه الكمية إلى أقل من الثلث.
في المقابل، عززت الجزائر موقعها، إذ صدّرت قرابة 50 مليار متر مكعب عام 2023، وتتجه لتجاوز ذلك في 2025، خاصة بعد الأداء القوي في الربع الأول.
ومع ذلك، فإن الجزائر لم تصل بعد إلى المستوى الكمي الذي كانت توفره روسيا، لكنها أصبحت لاعباً حاسماً ضمن مزيج الإمدادات الأوروبي، إلى جانب النرويج والولايات المتحدة وقطر.
تفوق في الأسواق الإقليمية وموقع استراتيجي متقدم
تفوقت الجزائر على قطر وروسيا في السوق الإيطالية، بفضل قدرتها على الدمج بين الإمدادات عبر الأنابيب وشحنات الغاز المسال.
وتعد تركيا زبوناً رئيسياً حيث استوردت 1.03 مليون طن في بداية 2025، بينما كانت فرنسا المستورد الأكبر للغاز الجزائري المسال في أوروبا بنحو 0.69 مليون طن.
وعلى الصعيد الإفريقي، تبقى الجزائر ثاني أكبر مصدر للغاز بعد نيجيريا، لكنها تمتاز بقربها الجغرافي من أوروبا وببنيتها التحتية القوية، ما يمنحها ميزة تنافسية في زمن يبحث فيه الأوروبيون عن شركاء طاقويين مستقرين.
آفاق 2025: الجزائر على أعتاب مرحلة جديدة من التأثير الطاقوي
ورغم تراجع صادرات الغاز المسال بنسبة 24.8% خلال الربع الأول من العام، فإن المؤشرات الفنية والطلب المتزايد من الدول الأوروبية تشير إلى إمكانية تعافي الصادرات في الفصول المقبلة.
وتُقدَّر الإمدادات الفصلية بحوالي 3 ملايين طن، ما يعزز مكانة الجزائر ضمن كبار مموني السوق الأوروبي.
وفي ظل استمرار الحاجة الأوروبية لتنويع مصادرها الطاقوية وتقليل الاعتماد على الموردين غير المستقرين، تبدو الجزائر مؤهلة للعب دور إستراتيجي مستدام.
وإن لم تكن بديلاً كاملاً لروسيا، فهي اليوم واحدة من أهم أعمدة أمن الطاقة في القارة الأوروبية.
س.ب