كشفت مجلة "لوبوان" الفرنسية في عددها الأخير عن دعوة القضاء الفرنسي قضاة القطب الجزائي للجرائم المالية والاقتصادية لمحكمة سيدي أمحمد للتشاور مع نظرائهم من نيابة باريس حول أملاك الجزائرييين المكتسبة بطريقة غير شرعية والتي تطالب الجزائر بإسترجاعها من فرنسا.
تأتي هذه الخطوة تجسيدا لمضمون البيان المشترك الصادر عن قصري المرادية والاليزي، عقب المكالمة الهاتفية بين الرئيسين عبد المجيد تبون وإمانويل ماكرون. ومن التعهدات التي تضمنها هذا البيان، العمل على "التعاون القضائي" حيث برزت في الفترة الأخيرة عدة ملفات عالقة بين الطرفين، كقضية الجزائريين المرحلين من فرنسا الذين رفضت الجزائر إستلامهم. وفي المقابل رفض القضاء الفرنسي ست مذكرات تسليم الوزير الأسبق، عبد السلام بوشوارب دفعة واحدة.
وسبق للنائب العام لمجلس قضاء الجزائر أن أعلن عن توجيه قرابة 250 إنابة قضائية إلى حوالي 20 دولة، تتعلق بأملاك الأوليغارشيا التي كانت تتحكم في سلطة القرار في عهد الرئيس المخلوع، عبد العزيز بوتفليقة والمتواجدين في السجن حاليا أو في حالة فرار، مع أوامر بالقبض الدولية ضدهم.
وحسب تقارير منظمة شفافية دولية أصبح من الصعب إمتلاك أموال أو عقارات بطريقة سرية في مختلف مناطق العالم، بفضل الإصلاحات التي أدخلتها عدة دول لإضفاء الشفافية على تشريعاتها. وفي فرنسا مثلا "شرعت السلطات في جمع المعلومات حول الأملاك العقارية والشركات منذ عام 2017 وهذه المعلومات أصبحت في متناول الجمهور منذ عام 2021" يقول تقرير ل"شفافية دولية" تحت عنوان "من يملك العقارات في فرنسا؟" ويعود هذا التقرير لصيف 2023.
ومع ذلك يتحدث التقرير عن "وضعية مشبوهة" تميز نشاط الشركات العقارية في فرنسا. وهذه الشركات، تابعة للخواص ذات مسؤولية محدودة تعمل على إمتلاك وتسيير العقارات. وفي هذا الاطار تشير "شفافية دولية" أن "63 بالمائة من هذه الشركات فقط تصرح بملاكها الحقيقيين" وهو رقم تعتبره المنظمة "الأضعف من بين كل الأصناف الأخرى من الشركات" النشطة في فرنسا. ما جعل تقرير "شفافية دولية" يصنف الشركات العقارية في خانة "الشركات الغامضة التي تسمح للشخصيات المشبوهة بامتلاك عقارات في فرنسا دون التصريح بهويتهم. من بين الأرقام الأخرى الخيالية التي يقدمها التقرير بخصوص وضعية الشركات العقارية في فرنسا، أن 5 بالمائة تصرح فقط بهوية الممثل القانوني، وأكثر ممن 7000 شخص يملكون أكثر من عشر شركات، وأن الشركات التي يملكها الأجانب هي الأقل حرصا على الالتزام بالتصريح القانوني.
ويحصي "تقرير شفافية دولية " حوالي 4000 مالك يحملون جنسية أجنبية، أي ما يعادل حوالي 10 بالمائة من إجمالي ملاك هذه الشركات العقارية، منهم 0,4 بالمائة يحملون الجنسية الجزائرية محتلين بذلك المرتبة الثانية بعد الجنسية البرتغالية ب0,6 بالمائة.
أما بخصوص الأملاك العقارية فسجل التقرير غياب المعلومات الدقيقة عن الملاك الحقيقيين لحصة كبيرة من الحضيرة العقارية الفرنسية. وسجلت "شفافية دولية" في هذا الإطار إجمالي 10,35مليون من الأملاك العقارية تابعة لشركات عقارية، ولم يتم تحديد هوية الملاك الحقيقيين إلا ل30 بالمائة من هذه العقارات، في حين 7 بالمائة منها هوية ملاكها مجهولة تماما. ويشير التقرير إلى أرقام وصفها ب «المبكية" تخص الناحية الباريسية لوحدها، حيث قدر نسبة الأملاك العقارية المجهولة الهوية ب72 بالمائة.
م. إيوانوغن