B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

القطاع الزراعي-الغذائي في الجزائر في تراجع رغم انتعاش النشاط الصناعي

Par ليندة ناصر
7 نوفمبر 2025

رغم الانتعاش الملحوظ في النشاط الصناعي خلال عام 2025، يواصل قطاع الصناعات الزراعية-الغذائية تراجعه، وفقًا لتقرير جديد أصدره الديوان الوطني للإحصائيات. فبينما تدفع قطاعات الطاقة ومواد البناء عجلة الإنتاج الصناعي إلى الأمام، سجل إنتاج الصناعات الغذائية العمومية انخفاضًا بنسبة 4.7٪ على أساس سنوي، وهو التراجع الثالث على التوالي، بحسب البيانات المؤقتة لشهر أكتوبر.

وبوجه عام، أظهرت مؤشرات الصناعة الوطنية تحسنًا واضحًا، إذ ارتفع الإنتاج الصناعي الإجمالي بنسبة 6.3٪ مدفوعًا بقطاع الطاقة (+9.2٪) ومواد البناء (+16.7٪). كما تعافى نشاط تكرير النفط (+6.2٪)، واستفادت الصناعات المرتبطة بالبناء، مثل الإسمنت والخرسانة والمنتجات الحمراء، من استئناف المشاريع العمومية الكبرى. حتى قطاع المحروقات، الذي عرف عامًا صعبًا، بدأ في استعادة عافيته (+1.5٪) بفضل زيادة إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي (+3.0٪).

ورغم هذا الأداء الإيجابي، يبقى الزخم الصناعي هشًا. فقد تراجع نشاط طحن الحبوب، العمود الفقري لإنتاج الدقيق والسميد، بنسبة 11.1٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بسبب انخفاض الكميات المعالجة وصعوبات في التزوّد بالمواد الأولية. أما صناعة الحليب، التي كانت أحد محركات النمو في 2024 بزيادة قدرها 14.3٪ في الثلاثي الثاني، فقد تباطأت بشكل ملحوظ، مكتفية بارتفاع طفيف نسبته 2.1٪ فقط، غير كافٍ لعكس الاتجاه السلبي. في المقابل، سجلت صناعة أغذية الحيوانات تحسنًا محدودًا (+3.9٪) بعد تراجع حاد بلغ 13.8٪ في الثلاثي السابق.

انتعاش بسرعتين

يعكس أداء القطاع الصناعي ما يمكن وصفه بـ الانتعاش ذي السرعتين: قطاعات الطاقة والبناء تواصل الصعود بوتيرة قوية، فيما تظل الصناعات التحويلية متأخرة. وأشار الديوان الوطني للإحصائيات إلى انكماش في قطاع النسيج (-10.4٪) وتراجع في الصناعات الصغيرة والمتوسطة (-1.8٪)، رغم تحسن محدود في تحويل الحديد والصلب وصناعة الأثاث المعدني. كما سجلت الصناعات الكيميائية انتعاشًا طفيفًا (+2.5٪) بعد هبوط حاد في الثلاثي السابق (-11.1٪)، مدعومة بارتفاع إنتاج الأدوية (+7.3٪) والسلع الوسيطة البلاستيكية (+1.2٪)، في حين تراجعت صناعة الدهانات بنسبة 19.9٪.

وبحسب التقرير، ما تزال الصناعة الوطنية تعتمد أساسًا على القطاعات العمومية ذات الكثافة الرأسمالية العالية، مثل الطاقة والمناجم والبناء، في حين تواجه صعوبة في ترسيخ قاعدة صناعية تحويلية قوية تخلق فرص العمل والقيمة المضافة.وسجلت بعض الاستثناءات الإيجابية في صناعات الجلود (+40.7٪) والخشب (+131.6٪)، مدفوعة بانتعاش النجارة العامة (+329.2٪) وصناعة الأثاث (+93.6٪)، ما يؤكد استمرار ديناميكية إيجابية منذ عدة ثلاثيات.

هشاشة بنيوية

تُبرز هذه المؤشرات الهشاشة البنيوية للاقتصاد الوطني، الذي ما زال نموه يعتمد على قطاعات الطاقة والمحروقات والبناء، في حين تعاني الصناعات ذات الطابع المحلي، وعلى رأسها الصناعات الغذائية والنسيجية، من صعوبات في اللحاق بالركب. ففي الوقت الذي يرتفع فيه الإسمنت ويزدهر النفط، يتراجع الخبز والحليب.  ويختتم الديوان الوطني للإحصائيات تقريره بصورة تعكس واقعًا مزدوجًا: اقتصاد يتعافى في الأرقام، لكن قاعدته الصناعية لا تزال بحاجة إلى دعم وتثبيت لضمان نمو متوازن ومستدام.