تفاجأت باريس، حسبما كشفت عنه صحيفة "لوموند" في مقال أمس، ببرقية وكالة الأنباء الجزائرية التي كشفت عن إستدعاء السفير الفرنسي في الجزائر من قبل وزارة الشؤون الخارجية تطلب منه تبليغ سلطات بلاده بإعادة فتح ملف العقارات التي تؤجرها السفارة الفرنسية في الجزائر بسعر رمزي.
مقال لوموند قدم الرواية الفرنسية للملف، وجاء فيها أولا، أن "الرئيس أحمد بن بلة أبرم إتفاقا مع السفير الفرنسي جورج غورس عام 1963 يحدد قائمة العقارات التي ستبقى ملكية فرنسية" طبقا للمادة 19 من إتفاقيات إيفيان. ويأتي مقر السفارة الكائن في حيدرة والذي يتسع ل14 هكتار، على رأس هذه العقارات.
ونصت المادة 19 من إتفاقية إيفيان على أن "تحول ملكية العقارات التابعة للدولة في الجزائر إلى ملكية الدولة والجزائرية بإستثناء تلك التي تعتبر، وبإتفاق مع السلطات الجزائرية، أنها ضرورية للسير العادي للخدمات الفرنسية المؤقتة أو الدائمة". كما نصت نفس المادة في فقرة ثانية على تحويل لملكية الدولة الجزائرية " الأجهزة والمؤسسات المسيرة للخدمات العمومية في الجزائر والتابعة للدولة الفرنسية ". ويشمل التحويل "الأملاك المخصصة لاحتضان هذه الخدمات العمومية وكذا الأعباء المرتبطة بها" على أن يتم تحديد كل إجراءات عملية التحويل هذه ب"إتفاقات خاصة" بين الطرفين.
وعكس فيلا السفارة في حيدرة التي تعتبرها باريس "ملكية فرنسية" إلا إذا "أرادت الجزائر إعادة النظر في وضعيتها القانونية" كما تشير "لوموند، فإن إقامة السفير الكائنة ففي الأبيار تخضع لإطار قانوني أخر. يقول مقال "لوموند" أن "بن بلة طلب إخراجها ممن قائمة العقارات التي حددها إتفاق 63 " وأن "باريس قبلت تحويلها إلى ملكية الدولة الجزائرية" والمقابل تم الاتفاق على عقد إمتياز لمدة 60 تدفع فيه فرنسا للجزائر فرنكا رمزيا.
المشكل أن هذا العقد الممتد لمدة 60 سنة إنتهت صلاحيته في أوت عام 2023 دون أن تتمكن حكومتي البلدين من إيجاد إتفاق لتجديده. وحسب لوموند دائما. وعليه تعاني إقامة السفير الفرنسي منذ 2023 في فراغ قانوني من الصعب التنبؤ بمصيرها في ظل التصعيد الحاصل في العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. وحسب الصحيفة الفرنسية دائما، فإن السفير الفرنسي السابق، كززافيي دريونكور كان على وشك إيجاد إتفاق مع حكومة أحمد أويحيى، قبل أن تعصف بها إنتفاضة 22 فيفري 2019. وفي زيارته الأخيرة للجزائر في أوت 2022، طرح الرئيس ماكرون الملف مع نظيره عبد المجيد تبون الذي "أعطى موافقته" حسب لوموند، لكن وزير الخارجية أنذاك، رمطان لعمامرة تماطل وربط تجديد العقد بالحصول على إمتياز يعادله لاقامة السفير الجزائري في باريس".
وفي غياب تسوية نهائية لوضعية فيلا "شجرة الزيتون" فإن السفير الفرنسي في الجزائر مقيم فيها دون عقد رسمي بل بصمت رسمي على ذلك.
م. إيوانوغن