بجاية: هل البقعة في البحر ناتجة عن نفايات محطة التحلية ؟ (الجواب العلمي)

تتداول صفحات مواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي، وأخرى متخصصة في الدفاع عن البيئة ببجاية، صور بقعة متلونة لمياه البحر على مسافة عدة كيلومترات، شرق سواحل الولاية، إنطلاقا من وادي ساكت.

ويرجع المتدخلون في هذه الصفحات مصدر البقعة إلى النفايات التي تلقيها مصالح مؤسسة تسيير المياه في وادي ساكت، والناتجة عن تحلية مياه البحر في محطة تيغرمت غير البعيدة عن الوادي.

آثار نفايات التحلية على البحر حسب الدراسات العلمية

تشير الدراسات العلمية إلى أن محطات تحلية مياه البحر تقوم بتصريف كميات كبيرة من المياه المالحة (المحلول الملحي) والمواد الكيميائية المستخدمة في عمليات المعالجة إلى البحر. هذه التصريفات قد تؤدي في بعض الحالات إلى ظهور بقع أو مناطق ملوثة أو متغيرة اللون بالقرب من أماكن التصريف، خاصة إذا لم يكن هناك تيارات بحرية قوية لتوزيعها.

غالبًا ما تكون هذه البقع نتيجة لاختلاف تركيز الملوحة أو وجود مواد كيميائية أو تغير في درجة حرارة المياه. كما يمكن أن تتسبب المواد العالقة أو الكائنات الدقيقة في زيادة وضوح هذه البقع.

تقدم دراسة أنجزها طلبة من جامعة بسكرة عام 2016 ، الظاهرة كالتالي: " بعد تحلية مياه البحر، تنتج المصانع محلولاً مركزاً من الأملاح يُعرف بالـ"سَعوْرة"، يحتوي على أملاح متنوعة، معادن ثقيلة ومركبات عضوية. هذا المحلول يكون أكثر ملوحة بمرتين (بين 50 و80 غ/لتر) مقارنة بمياه البحر العادية (35 غ/لتر في البحر الأبيض المتوسط).

يتمدد هذا المحلول بسرعة في مياه البحر ولا يسبب آثاراً بيئية خطيرة مباشرة. غير أن تصريف كميات كبيرة منه قد يؤدي على المدى الطويل إلى اختلال في التركيبة الكيميائية لمياه البحر، مع عواقب وخيمة على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية البحرية، سواء على الحيوانات أو النباتات تحت الماء. زيادة الملوحة قد تحول السواحل إلى مناطق قاحلة خالية من الحياة، مما يؤدي إلى اختفاء قرى أو أنشطة بحرية محلية.

الجزائرية للمياه تعتذر

وكانت الجزائرية للمياه قد إعتذرت لسكان ولاية بجاية عبر بيان أعلنت فيه عن القيام بعملية تنظيف الخزانات التابعة لمحطة الضخ الخاصة بمشروع الربط البعدي بمحطة تحلية مياه البحر.

  وعليه، قال البيان "سيتم تصريف المياه على مستوى واد ساكت" مؤكدا أن هذا الإجراء "ضروري لضمان جودة المياه وسلامة الشبكة". كما أكدت الجزائرية للمياه أن فرقنها التقنية "تعمل جاهدة على إنهاء هذه العمليات في أقرب الآجال، مع الالتزام التام بالمعايير الصحية والبيئية المعتمدة".

مع ذلك، لا يمكن الجزم بشكل قاطع بأن البقعة الظاهرة في الفيديو المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ناتجة فقط عن محطة التحلية، إلا بعد إجراء تحاليل ميدانية دقيقة للمياه في تلك المنطقة. فهناك أسباب أخرى محتملة لظهور مثل هذه البقع، منها التصريفات الصناعية أو الحضرية أو حتى الظواهر الطبيعية مثل نمو الطحالب أو حركة الرواسب.

الجزائر عضوة في إتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث"

إنخرطت الجزائر اتفاقية برشلونة، المعروفة رسميًا باسم "اتفاقية حماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث"، شهر مارس 1981. وهي معاهدة دولية أُبرمت سنة 1976 (وتم تحديثها لاحقًا) تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتهدف إلى حماية البيئة البحرية والساحلية للبحر الأبيض المتوسط من التلوث بمختلف مصادره.

من أهم بنود هذه الاتفاقية "تلتزم الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع، والحد من، ومكافحة التلوث في البحر الأبيض المتوسط، سواء كان مصدره من البر أو البحر أو الجو".

كما وقعت الجزائر عدة بروتوكولات ملحقة بإتفاقية برشلونة، منها البروتوكول الذي يلزم الدول الأعضاء بإحترام حد أدنى معين في تصريف عدة مواد خطيرة على البحر، كالأملاح والكلورين وانبعاث الحرارة...