صدر في العدد الأخيرة من الجريدة الرسمية، القانون رقم 25-03 المعدل والمتمم للقانون 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها.
ويأتي هذا القانون في إطار استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة آفة المخدرات، عبر مزيج من الإجراءات الوقائية والردعية.
حيث تنص المادة 5 مكرر 9 من ذات القانون، أنه : " يجب أن تتضمن ملفات المترشحين لمسابقات التوظيف في الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والمؤسسات ذات النفع العام وتلك المفتوحة للجمهور والمؤؤسات والهيئات التابعة للقطاع الخاص، تحاليل طبية سلبية تثبت عدم تعاطي المخدرات و/أو المؤثرات العقلية. تحدد شروط وكيفيات هذه المادة عند الاقتضاء ، عن طريق التنظيم".
و أعلن وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، في عرضه لنص القانون أمام أعضاء مجلس الأمة، أن التشريع الجديد يتضمن إجراءات ملزمة للمترشحين لمناصب التوظيف في الهيئات العمومية، والمؤسسات ذات الطابع العمومي أو الخاص، بتقديم تحاليل طبية تثبت عدم تعاطيهم للمخدرات أو المؤثرات العقلية، وذلك كشرط أساسي لقبول ملفاتهم.
وأوضح الوزير أن هذه التدابير تهدف إلى "تحصين المجتمع، وحماية الأمن القومي، ومواجهة الاختلالات المجتمعية التي تسببها المخدرات، لاسيما في المؤسسات الحساسة كالتربوية والتعليمية".
كما ينص القانون على إمكانية إجراء تحاليل دورية لتلاميذ المؤسسات التعليمية للكشف المبكر عن تعاطي المخدرات، بعد الحصول على موافقة أوليائهم أو قاضي الأحداث المختص.
القانون الجديد يوسع نطاق الوقاية كذلك ليشمل المفرج عنهم في قضايا مخدرات، عبر مرافقتهم في مسار إعادة الإدماج الاجتماعي.
كما تضمن آليات جديدة لتعقب مصادر تمويل الجرائم المتعلقة بالمخدرات، مع إمكانية منع المشتبه فيهم من السفر حتى استكمال التحقيقات. ويقترح النص عقوبة الإعدام في الجرائم الخطيرة ذات الصلة، متى ما أدت إلى الوفاة أو أضرار جسيمة بالصحة العامة.
القاضي يسعد مبروك: خطوة مهمة.. لكنها تفتح نقاشاً ضرورياً
وفي تعليقه على النص الجديد، اعتبر القاضي السابق ورئيس نقابة القضاة الأسبق، يسعد مبروك، أن القانون يمثل "إجراءً وقائيًا للمجتمع وعقابيًا بالنسبة للمترشحين" الذين يثبت تعاطيهم المخدرات، بناءً على ما ورد في أحكامه.
غير أن مبروك طرح إشكالاً جوهرياً للنقاش، قائلاً:
"لكن ماذا عن الموظف والمستخدم الممارس الذي يتعاطى نفس المواد ولم يتم ضبطه تحت وصف الفعل المجرم؟ لماذا لا يخضع هو الآخر للفحص والمراقبة، لأن الخطر المتوقع منه أكبر من المترشح الذي لم يمارس أيّة سلطة بعد؟"
هذا التساؤل يعكس دعوة صريحة لتوسيع رقابة القانون لتشمل الموظفين المزاولين لمهامهم، لا سيما في القطاعات الحساسة، على غرار ما يتم مع المترشحين الجدد. ويفتح المجال أمام حوار قانوني وأخلاقي حول العدالة في تطبيق الرقابة الصحية، والحدود بين الوقاية الفردية وضمان سلامة المؤسسات.
القانون الجديد يمثل بلا شك خطوة حاسمة في مكافحة آفة المخدرات، لكنه يثير في الوقت نفسه نقاشات عميقة حول آليات التفعيل الشامل، وضمان المساواة في المعايير بين المترشحين والموظفين.