تنطلق اليوم في الجزائر، فعالية «أيام الصناعة» بحضور لافت لنحو عشرين شركة فرنسية وأكثر من 150 شركة جزائرية.
ويهدف هذا الحدث الاقتصادي، الذي تنظمه غرفة التجارة والصناعة الجزائرية-الفرنسية (سي سي إي أف أى) على مدى يومين، إلى تعزيز الشراكات الصناعية بين الشركات المحلية ونظيراتها الأجنبية من خلال لقاءات أعمال مباشرة (B2B) وورشات عمل متخصصة.
وقد أبرز المنظمون أن المنتدى يُشكل مساحة لتبادل الخبرات واستكشاف فرص تعاون تجاري وصناعي تعود بالفائدة المشتركة على الجانبين .
في تصريحاته على هامش الفعالية، شدّد ميشال بيساك – رئيس غرفة التجارة والصناعة الجزائرية-الفرنسية – على أهمية العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا رغم التوتر السياسي القائم بين البلدين.
وأكد بيساك في تصريح نقله موقع "كل شيء عن الجزائر" أن هذه العلاقات تمثّل «رهانا أساسيا يجب الحفاظ عليه وتعزيزه»، لافتًا إلى أنها تستند إلى روابط إنسانية واجتماعية عميقة تكفل استمرارها مهما كانت الاضطرابات الراهنة . كما دعا الشركات الجزائرية والفرنسية إلى الاستمرار في نهج التعاون الذي أطلقه رئيسا البلدين، بهدف صون الروابط الاقتصادية وحمايتها من تبعات التجاذبات السياسية .
وأوضح ميشال بيساك أن اهتمام الشركات الفرنسية بالسوق الجزائرية ما زال قويًا بالرغم من البرود الدبلوماسي. فالشركات الفرنسية العاملة في الجزائر تواصل نشاطها وتُحقق «أعمالًا ناجحة في بيئة تظل مواتية»، حيث يحظى الفرنسيون وتراثهم الصناعي بـ«ترحيب وتقدير دائم» لدى الجزائريين .
ويرى بيساك أن هذا الإقبال الفرنسي المستمر يعكس متانة الشراكات الاقتصادية بين البلدين وقدرتها على الصمود، مشيرًا إلى أن نحو 6,000 شركة فرنسية تعمل مع الجزائر ومثلها من الشركات الجزائرية تنشط مع فرنسا – وهو مؤشر على تشابك المصالح الاقتصادية بشكل يصعب معه فكّها حتى في ظل الأزمات.
و يأتي انعقاد «أيام الصناعة» في ظل أزمة دبلوماسية حادة تشهدها العلاقات الجزائرية-الفرنسية منذ أواخر جوان 2024.
كانت هذه الأزمة قد اندلعت إثر اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء الغربية آنذاك، مما دفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها من باريس وردّت فرنسا بخطوات مماثلة .
ومنذ ذلك الحين، تمرّ العلاقات الرسمية بحالة جمود وتوتر غير مسبوقين تخللتها تبادل تصريحات حادة وإجراءات مضادة، ما جعلها أسوأ أزمة بين البلدين منذ عقود وفق مراقبين.
ورغم الجمود السياسي، برزت مؤخرًا بوادر للتهدئة عبر قناة التعاون الاقتصادي.
ففي 2 جوان الجاري استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رودولف سعادة، رئيس مجموعة "سياما سيجيام" الفرنسية للنقل البحري واللوجستيك، في لقاء لبحث مشاريع استثمارية .
وقد اعتُبرت هذه الزيارة – التي جاءت بعد إرجاء سابق منتصف أبريل بسبب تصاعد التوتر – بادرة إيجابية عكست الاستعداد لفصل المسار الاقتصادي عن الخلافات السياسية.
ووصف ميشال بيساك استقبال تبون لرئيس "سياما سيجيام" بأنه «إشارة قوية» تحمل «أملا» في تهدئة الأزمة، مؤكّدًا أن العلاقات التجارية مستمرة بين البلدين رغم كل شيء .
وقد رأى الكثير من المراقبين في هذه الخطوة رسالة طمأنة لمجتمعات الأعمال بأن التعاون الاقتصادي يمكن أن يشكّل جسراً للحوار ويساهم في تخفيف حدة التوتر الدبلوماسي.