تشهد مالي تصعيدًا أمنيًا واقتصاديًا حادًا في الأسابيع الأخيرة، حيث تتزايد هجمات الجماعات الإرهابية في البلاد، وسط مؤشرات بفقدان سيطرة نسبية للسلطة الانقلابية في باماكو في تسير أمن وشؤون مالي.
وتُسجَّل عمليات إعدام ميدانية استهدفت مدنيين وعناصر من القوات المسلحة. وفي موازاة ذلك، تعاني البلاد أزمة وقود خانقة شلّت قطاعات النقل والإمداد وعمّقت معاناة السكان في المدن والقرى على حدّ سواء. في هذا السياق المتوتر، تواصل باماكو تعزيز علاقاتها العسكرية مع موسكو، في إطار ما تعتبره "شراكة استراتيجية لمكافحة الإرهاب ودعم السيادة الوطنية".
لقاء في كولوبا لترسيخ التعاون الدفاعي
استقبل رئيس المرحلة الانتقالية، الجنرال أسيمي غويتا، يوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025، وفدًا روسيًا رفيع المستوى برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي، بحضور الفريق ساديو كامارا، وزير الدفاع، والجنرال ألو بوي ديارا، رئيس أركان القوات الجوية.
الاجتماع، الذي عُقد في قصر كولوبا بالعاصمة باماكو، يأتي على هامش معرض باماكو الدولي للدفاع والأمن (بامكس 2025)، المنعقد من 11 إلى 14 نوفمبر، حيث يُتوقع أن يشهد الإعلان عن اتفاقيات جديدة في مجالات التدريب، وصيانة العتاد العسكري، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
موسكو تؤكد التزامها بدعم باماكو
خلال اللقاء، نقل الوفد الروسي رسالة تضامن من الحكومة والشعب الروسيين، مؤكّدًا "دعم موسكو الثابت لمالي في حربها ضد الإرهاب". وجرى التأكيد على مواصلة التعاون الثنائي في إطار احترام السيادة الوطنية والثقة المتبادلة.
ويُنظر إلى هذه الزيارة كإشارة عملية لاستمرار التنسيق بين الجيش المالي والمستشارين الروس المنتشرين في البلاد منذ انسحاب القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة، وتوسيع نطاق التعاون ليشمل الدفاع الجوي وتطوير القدرات التقنية للجيش المالي.
في ظل أزمة خانقة
يأتي هذا الحراك الدبلوماسي والعسكري فيما تواجه مالي أزمة وقود حادة أثّرت على حركة النقل والإمدادات والأنشطة الاقتصادية اليومية. وفي الوقت ذاته، تشهد مناطق موبتي وغاو وكره هجمات متكررة تشنها جماعات مرتبطة بـ"القاعدة" و"داعش"، ما يضاعف الضغوط على الحكومة الانتقالية.
زيارة الوفد الروسي إلى باماكو تمثل دعمًا سياسيًا وعسكريًا واضحًا لسلطة غويتا في مواجهة تحديات داخلية متصاعدة. كما تُبرز سعي روسيا لترسيخ حضورها في الساحل الإفريقي، مستفيدة من فراغ النفوذ الغربي.
في المقابل، يعكس هذا التعاون رهانا ماليًا على الشريك الروسي في مرحلة دقيقة، حيث تبدو الحرب على الإرهاب مفتوحة والاقتصاد في حالة اختناق.