أثارت إقالة نذير العرباوي، في 28 أوت الماضي، وتعيين سيفي غريب رئيسًا للوزراء بالنيابة، عاصفة من التكهنات. وفي غياب أي توضيحات حول المهمة الجديدة لسيفي غريب، الذي كان وزيرًا للصناعة في حكومة العرباوي، تتزايد التساؤلات حول طبيعة المرحلة السياسية الحالية.
هل تعيين رئيس وزراء بالنيابة هو إجراء مؤقت جدًا، اتُّخذ على عجل بهدف إتمام اختيار رئيس وزراء جديد يتماشى مع النص الدستوري، ومن ثم تشكيل حكومة معدَّلة؟ أم أن هذا التعيين المؤقت يهدف إلى ضمان إدارة شؤون البلاد خلال الأشهر التسعة المتبقية قبل موعد الانتخابات التشريعية في يونيو 2026؟
وسط هذا الغموض، عاد سيناريو آخر بقوة إلى الواجهة: إنه سيناريو الانتخابات التشريعية المبكرة. هذا السيناريو قد يفسر الطبيعة المؤقتة لوجود سيفي غريب على رأس الحكومة. في الحقيقة، كان الحديث عن انتخابات تشريعية مبكرة قد طُرح بالفعل عقب الانتخابات الرئاسية المبكرة منذ عام، قبل أن يختفي هذا الموضوع في الأشهر التالية. اليوم، قد يكون هناك ما يبرره سياسيًا، خصوصًا أن التغييرات المتتالية لرؤساء الوزراء (بمعدل رئيس كل 21 شهرًا منذ ديسمبر 2019) لم تنجح في إعطاء دفعة حقيقية لعمل الحكومات المتعاقبة.
ضرورة إعادة "السياسة" إلى الحكومة
لقد أثارت كارثة واد الحراش موجة غضب عارمة كشفت عن حالة من السخط الشعبي العميق، ومن المتوقع أن تكون له تداعيات اجتماعية وسياسية. في ظل هذا التوتر، قد يؤدي "تجديد" المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) قبل موعده في جوان 2026 إلى خلق آمال جديدة بالتحسُّن.
ومع ذلك، فإن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة لن يكون سوى وهمًا مؤقتًا. فما هو على المحك في الفترة التالية للولاية الرئاسية الثانية هو مدى قدرة مجلس ”مُنتخب بشكل جيد“ على حمل أغلبية حكومية بشكل فعال. إن تجربة الحكومات ورؤساء الوزراء المنفصلين عن الجذور البرلمانية، أمرًا مثيرًا للجدل.
الهجمات العلنية غير المسبوقة التي شنها عبد القادر بن قرينة، زعيم حزب في أغلبية رئاسية غير رسمية، ضد وزيرين حاليين هذا الأسبوع، تُظهر بوضوح أن هناك مطالب متزايدة بإشراك الأحزاب السياسية المنتمية لهذه الأغلبية بشكل أكبر في تشكيل الحكومة.
لكن مثل هذا التطور قد يُعيدنا إلى النموذج الحكومي في سنوات بوتفليقة. في ذلك الوقت، كانت الرئاسة تحتفظ بالحقائب الوزارية السيادية تحت سيطرتها المباشرة، بينما تُوزَّع الحقائب القطاعية والتقنية على أحزاب مثل جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم، ولكن ليس حصراً.
لا شيء يشير حتى الآن إلى أن الرئيس تبون سيختار هذا الخيار، حيث أنه معروف بكرهه لنظام الأحزاب السياسية وتفضيله لحكومات من التكنوقراط الذين لا انتماء سياسي لهم سوى الولاء لسلطة الهرم الإداري.
خطر أن تكون ضربة بلا جدوى
لن تكون الانتخابات التشريعية المبكرة أمرًا غريبًا، خاصة بعد أن تم تقديم موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بثلاثة أشهر. ولكي تحقق الرئاسة مكسبًا سياسيًا من وراء ذلك، بهدف خلق حراك يواجه الركود الاجتماعي، يجب ألا يتأخر الإعلان عن ذلك.
ينص الدستور في المادة 151 على ضرورة دعوة الهيئة الناخبة قبل 90 يومًا على الأقل من موعد التصويت. وهذا يعني أن العملية يمكن أن تكتمل في عام 2025 إذا ما تم اعتماد هذا السيناريو.
لكنه سيناريو، وإن عاد للظهور، يظل ضعيفًا. فالانتخابات التشريعية المبكرة "المغلقة"، مثل تلك التي جرت في 12 يونيو 2021، تم تنقية قوائم المرشحين مسبقًا من قبل أجهزة الأمن ، سيكون ضربة سياسية بلا فائدة.
ولا يبدو أن هناك من هو مستعد، سواء في الرئاسة أو في الجيش، للنظر في "انفتاح سياسي محدود" قد يجعل انتخاب مجلس شعبي وطني جديد أكثر جدوى. فهذا الأمر قد يُخلّ بالتوازنات الحالية، كما أن حالة عدم اليقين التي تسببها صناديق الاقتراع، في حال عاد الجزائريون للتصويت بشكل أكبر، تظل مصدر قلق للنظام منذ 26 ديسمبر 1991.