B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

تكلفة العزلة الرقمية: خسائر مالية فادحة بعد انقطاع الإنترنت في كوريا الشمالية

Par Maghreb Émergent
7 يونيو 2025
تكلفة العزلة الرقمية: خسائر مالية فادحة بعد انقطاع الإنترنت في كوريا الشمالية

تجاوز انقطاع الإنترنت الذي ضرب كوريا الشمالية، السبت 7 ماي، مجرد كونه عطلاً تقنياً عابراً ليكشف حجم الخسائر المالية الناجمة عن الاعتماد على بنية تحتية رقمية محدودة ومكلفة. الانقطاع الذي استمر عدة ساعات، وشمل معظم المواقع الحكومية الرسمية والخدمات الإخبارية، يطرح تساؤلات حول التكلفة الحقيقية لسياسة العزلة الرقمية التي تتبناها بيونغ يانغ.


و أثر الانقطاع على جميع مسارات الإنترنت القادمة عبر الصين وروسيا، وهما الدولتان الرئيسيتان اللتان توفران الاتصال الدولي لكوريا الشمالية. هذا الاعتماد الثنائي على موردين خارجيين يرفع تكلفة الخدمات الرقمية بشكل كبير، خاصة في ظل القيود الدولية المفروضة على النظام الكوري الشمالي.

ويكشف التحليل الاقتصادي للانقطاع أن كوريا الشمالية تدفع ثمناً باهظاً لسياستها الرقمية. فبينما تقتصر إمكانية الوصول للإنترنت الدولي على نخبة من المسؤولين والقيادات العليا، تعتمد الغالبية العظمى من المواطنين على شبكة محلية داخلية تديرها الحكومة تُسمى "كوانغ ميونغ".

ويتطلب هذا التقسيم استثمارات مضاعفة في البنية التحتية، مما يرفع التكلفة الإجمالية للخدمات الرقمية.
الخسائر المالية المباشرة للانقطاع شملت توقف جميع المعاملات الإلكترونية الحكومية، وتعطل خدمات البريد الإلكتروني،
وانقطاع الوصول إلى موقع شركة الطيران الوطنية "كوريو"، مما أدى إلى فقدان الحجوزات والمعاملات التجارية خلال ساعات الذروة.

أشار المتخصصون في مراقبة البنية التحتية الرقمية، إلى أن السبب الأرجح هو خلل داخلي في النظام و ليس هجوماً خارجياً، مما يعكس ضعف الاستثمار في الصيانة والتطوير.

الاستثمار في القرصنة مقابل إهمال البنية الأساسية

المفارقة الاقتصادية تكمن في أن كوريا الشمالية تستثمر مبالغ كبيرة في تطوير قدراتها السيبرانية الهجومية، بينما تهمل البنية التحتية الأساسية لشبكاتها الداخلية.

و تُتهم بيونغ يانغ من قبل وكالات دولية بتشغيل مجموعات قرصنة مثل "لازاروس"، التي تقوم بهجمات على بنوك ومؤسسات حكومية وشركات تقنية، فضلاً عن سرقة العملات المشفرة.
هذه العمليات، رغم تحقيقها إيرادات مالية للنظام، تأتي على حساب الاستثمار في تحسين البنية التحتية المحلية. وتشير التقديرات إلى أن الأموال المخصصة لبرامج القرصنة الإلكترونية تفوق بكثير الميزانيات المرصودة لتطوير الشبكات المحلية و ضمان استقرارها.


التكلفة الاقتصادية للعزلة التقنية


ان انقطاعات الإنترنت المتكررة في كوريا الشمالية تعكس التكلفة الاقتصادية الحقيقية لسياسة العزلة الرقمية. فبينما تحقق الدول الأخرى وفورات في التكلفة من خلال الاعتماد على موردين متعددين وشبكات متنوعة، تظل كوريا الشمالية مَحصورة في خيارات محدودة ومكلفة.


وتتجاوز الخسائر الأرقام المباشرة لتشمل تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في التقنيات الحديثة. فبدلاً من تطوير اقتصاد رقمي متطور يمكن أن يساهم في النمو الاقتصادي، تختار بيونغ يانغ نموذجاً مكلفاً يعتمد على الحد الأدنى من الاتصال الخارجي والاستثمار الأقصى في الرقابة والسيطرة.


الدروس المستفادة من هذا الانقطاع تؤكد أن الاستثمار في بنية تحتية رقمية محدودة ومعزولة يأتي بتكلفة اقتصادية باهظة، لا تقتصر على الخسائر المباشرة من الانقطاعات، بل تمتد إلى تكلفة الفرصة البديلة للتطور التقني والاقتصادي في العصر الرقمي.