تنقلت أمس، الأحد، لجنة تحقيق تابعة لوزارة الرياضة إلى ملعب 5 جويلية الأولمبي، في إطار التحقيقات الجارية حول الحادث الأليم الذي راح ضحيته مناصرون وأصيب آخرون من نادي مولودية الجزائر مساء السبت، حسب بيان لوزارة الرياضة
في المقابل نصب وزير الداخلية اليوم لجنة التحقيق المعلن عنها من طرف رئاسة الجمهورية والتي تضم ممثلين عن وزارات الداخلية، العدل، السكن، الرياضة، إضافة إلى هيئات أمنية وتقنية مختصة، أبرزها قيادة الدرك الوطني، المديرية العامة للأمن الوطني، الهيئة الوطنية للمراقبة التقنية للبنايات ومسؤولي نادي مولودية الجزائر.
وتهدف اللجنة حسب بيان رئاسة الذي أعلن عن إنشائها، إلى "الوقوف ميدانيا على الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي كانت وراء هذا الحادث الأليم وتحديد أوجه القصور المحتملة ومواطن الخلل، سواء على مستوى البنية التحتية أو التدابير التنظيمية، وذلك تحضيرا لرفع تقرير مفصل إلى الجهات العليا قصد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ومنع تكرار مثل هذه المآسي مستقبلا".
موازاة مع هذه التطورات، يتواجد وزير الرياضة ورئيس الفاف، وليد صادي، رفقة أمينه العام في الهيئة الكروية، ندير بوزناد، في الولايات المتحدة، أين يحضر المؤتمر ال"فيفا" الذي ينعقد اليوم في مدينة ميامي.
وسافر وليد صادي وندير بوزناد إلى الولايات المتحدة، أمس، أي أثناء توديع الجزائريين مناصري مولودية الجزائر الثلاثة الذين توفوا بعد حادث سقوطهم من المدرج العلوي لملعب 05 جويلية. ومازال عدد من ضحايا هذا الحادث في غيبوبة في مختلف مستشفيات العاصمة. ويواصل عدد آخر من المصابين العلاج، وقد تجاوزوا مرحلة الخطر، فيما غادر آخرون المستشفى بعد تلقيهم العلاج.
من هم المسؤولون على سلامة الأنصار في ملعب 05 جويلية
يسير ملعب 05 جويلية ديوان المركب الأولمبي محمد بوضياف، وهو شركة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري تقع تحت وصاية وزارة الرياضة. وعليه مسؤولية ديوان المركب الأولمبي مؤكدة على كل المستويات التنظيمية والمتعلقة بالحالة المادية لهذه المنشأة القديمة نسبيا. مسؤولية الوزارة الوصية كذلك مؤكدة، بما أن الأمر يتعلق بملعب يخضع تسييره المالي والتقني واللوجستيكي... لقرارات فوقية، غالبا ما تكون فجائية، ليس للإدارة المركب الأولمبي أي رأي فيها.
وزير الرياضة بدوره غالبا ما ينفذ تلك القرارات الفوقية ويكتفي بدور ساعي البريد الذي ينقل الأوامر للموظفين والإدارات التي تقع تحت وصايته. وينطبق هذا الوضع على قرار غلق ملعب نيلسون مانديلا قصد تحضيره لنهائي كأس الجمهورية، الأمر الذي جعل الرابطة المحترفة تنظم مباريات الجولة الأخيرة المقررة في العاصمة بملعب 05 جويلية. ومن المقرر أن يعود وليد صادي إلى أرض الوطن يوم 25 جوان، وسيكون حينها مطالبا بتقديم توضيحات للرأي العام الوطني وربما للجنة التحقيق كذلك، حول الإجراءات المتخذة لتأمين المباريات في ملعب 05 جويلية.
مسؤولية مصالح الأمن
تلعب اللجنة الأمنية الولائية دورا أساسيا في تحديد الملاعب التي تستقبل مباريات البطولة الوطنية. وترافق مصالح الأمن تنظيم مباريات البطولة الوطنية خارج الملاعب وداخلها، في الميدان (حيث تحمي اللاعبين والحكام وكل المتدخلين المتواجدين حول المستطيل الأخضر) وفي المدرجات أيضا، حيث تقع سلامة الأنصار بالدرجة الأولى على عاتق مصالح الأمن، التي تسهر على فرض حماية الإجراءات الأمنية المتفق المنصوص عليها في المحاضر الموقعة بين إدارة الملعب والنادي المستقبل ومصالح الأمن ومختلف السلطات المعنية.
وعند مشاهدة الفيديو المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر جليا موجة بشرية قادمة من الأعلى، لتدفع من كانوا في الصفوف السفلى إلى الهاوية، في غياب حواجز صلبة يمكنها حمايتهم من السقوط. فماذا حدث في الصفوف العلوية؟ هل كانت هناك لجنة أنصار تنظم حركات هؤلاء وسلوكاتهم؟ وهل نبه المسؤولين عن صيانة الملعب لوجود نقائص أمنية على منشأتهم ووضعوا إجراءات إحتياطية؟ هل كان سهر أعوان الأمن على إحترام تلك الإجراءات الاحتياطية؟ ...
لجان التحقيق: مجرد إعلانات لامتصاص الغضب، أم ماذا؟
شهد ملعب علي عمار بالدويرة، غرب العاصمة، حدثا مماثلا، حيث سقط أنصار لمولودية الجزائر من المدرجات العلوية، أدى إلى وفاة المناصر وليد بوعزيز، صاحب ال23 سنة من العمر. وزارة الداخلية، بادرت بالتحقيق في الأحداث وتم غلق الملعب إلى اليوم، رغم حداثة تدشينه وبعد احتضانه مباراتين اثنتين فقط. ولم يصدر إلى اليوم أي تقرير عن النتائج التحقيق في هذا الحادث، كما لم ترد أي أخبار عن متابعات قضائية أو عقوبات صدرت في حق مسؤولين.
و شهد ملعب 20 أوت، في حي العناصر، شرق العاصمة كذلك، حادثا مماثلا بمناسبة حفل غنائي نشطه المغني النجم "سولكينغ"، في عام 2019.ضيق المدرجات أدى إلى تصادم بين المتفرجين والحصيلة خمسة قتلى وعشرات الجرحى. نيابة محكمة سيدي أمحمد فتحت تحقيق ومدير ديوان حقوق المؤلف، سامي بن شيخ أودع الحبس المؤقت. وفي المحاكمة تمت إدانة سامي بن شيخ بستة أشهر، منها ثلاثة أشهر نافذة. ونفس العقوبة تقريبا صدرت في حق ستة متهمين آخرين وإستفاد البقية من البراءة.
ملعب 20 أوت عرف سقوط مدرج في عام 2013، أدى إلى مقتل مناصرين ومئات الجرحى. وتولت وزارة الشباب والرياضة التحقيق في الحادث، وتوصلت إلى قرار غلق الملعب لإعادة تجديده. وتبقى الحادثة التي هزت الكرة الجزائرية أكثر، هي حادثة مقتل لاعب شبيبة القبائل، الكاميروني ألبير إيبوسي أمام مدخل أرضية ميدان ملعب أول نوفمبر بتيزي وزو.
التحقيق الأولي أنذاك أرجع الحادث لإلقاء الأنصار حجارة من المدرجات أصابت اللاعب. وتمت معاقبة الملعب بعد استقبال المباريات لسنة كاملة ومعاقبة الشبيبة بعدم المشاركة في المنافسات القارية. أما جزائيا، فقد طالت إجراءات التحقيق القضائي دون أن نعرف المتسبب في مقتل لاعب في ربيع العمر فوق ميدان فريقه.
