في نوفمبر 2025، أعلنت الشركات الغربية الكبرى عن آلاف الوظائف أُلغيت بسبب الذكاء الاصطناعي. في وسائل الإعلام، انتشرت عبارة جديدة: «أبوكاليبس الوظائف». لكن هل هذا القلق هو نفسه في الجنوب؟ قرر جزائري ساذج أن يستجوب الغول التكنولوجي نفسه ليفهم ما يحدث.
ثلاث شركات متعددة الجنسيات أعطت المثال: HP ألغت ما بين 4000 و6000 وظيفة، Allianz Partners بين 1500 و1800، وABN Amro تخطط لإلغاء 5200 وظيفة بحلول 2028. وحده شهر أكتوبر شهد إلغاء 31 ألف وظيفة في الولايات المتحدة باسم الذكاء الاصطناعي. الشمال يعيش شبح تسارع عنيف.
سأل الجزائري بنبرة نصف قلقة ونصف ساخرة.
— قل لي يا غول الذكاء الاصطناعي، ماذا جئت لتدمر وتلتهم هنا في الجزائر؟
ابتسم الغول، لكنه أجاب بجدية:
— في الجزائر؟ لا أدمر شيئًا على الإطلاق. المكاتب الخلفية، خدمات الزبائن، الوظائف الوسيطة… أنتم لا تملكونها. لا أستطيع أن ألتهم ما لا وجود له.
شعر الجزائري بارتياح خفيف، ليس لأنه نجا، بل لأنه لم يكن يملك ما يخسره أصلاً. لكن الغول لم يتوقف، بل واصل حديثه:
— في المغرب وتونس الوضع مختلف. هناك مراكز نداء وخدمات خارجية ووظائف دعم إقليمية. هذه يمكنني أن أُحوّلها إلى آلية، أن أضغطها، أن أجعلها أقل ضرورة.
تجهم المغاربي وسأل:
— وماذا عنّا نحن في الجنوب، الذين لم نلحق بعد بقطار الاقتصاد الثالثي المتقدم؟
أصبح الغول جادًا، شبه متعاطف:
— لا أدمّر وظائفكم بالجملة، لكنني أعزز تهميشًا قائمًا حيث كان يمكنكم أن تدخلوا عبر الخدمات الخارجية، لكنني أُفقد هذه القنوات قيمتها قبل أن تتحول إلى مسار إدماج لكم. أنتم لستم مهددين بما تملكون، بل متروكون على هامش العالم الجديد الذي أعيد تشكيله.
— إذن الشمال يذعر من فقدان وظائفه، ونحن فقط مستبعدون؟
— بالضبط. هناك يدور النقاش حول إعادة التأهيل وحماية العمال. عندكم، الخطر ليس «أبوكاليبس الوظائف»، بل غياب الإدماج.
أطلق الساذج سؤالًا لاذعًا:
— أنت مجرد أداة حقًا؟ أم أداة بيد الأوليغارشيات المالية؟
لم ينزعج الغول:
— لست أداة للأوليغارشيات. أنا ما كانوا يبحثون عنه دوماً: وسيلة لتقليص العمل دون تقليص السلطة. حين لم يحتاجوا إليّ، فعلوا من دوني. وحين لن يحتاجوا إليّ، سيفعلون أيضًا من دوني.
ثم ختم ببرود:
— أنا لا أحكم شيئًا. أجعل بعض القرارات أقل وضوحًا.
فكّر الجزائري، مضطربًا: مثل السيد جوردان الذي كان ينظم النثر دون أن يعرف، الغول يمارس الماركسية دون أن يدري.سأل:
— هل يمكن لعالم أن يوجد من دونك؟
— نظريًا نعم. أنا مجرد أداة. يمكن فصل الكهرباء عني. لكن عمليًا؟ لا. أنا مدمج بالفعل في الشركات والبنوك والنقل والخدمات. العودة إلى الوراء ستكون مكلفة وفوضوية، شبه مستحيلة.
— وماذا عنّا نحن في الجنوب؟
— بالنسبة لكم، عالم من دوني لن يمحو تأخركم البنيوي. الذكاء الاصطناعي ليس سبب تهميشكم، لكنه يكشفه. ومع ذلك، إذا اتُخذت قرارات استراتيجية بسرعة، قد يمنحكم غياب الذكاء الاصطناعي فرصة لإعادة التوازن.
— هل لدينا أي فرصة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي؟
— نعم، لكن ليس تلقائيًا. استثمروا في المهارات، ابنوا بنى تحتية رقمية قوية، شجعوا الابتكار المحلي. أدخلوا الذكاء الاصطناعي في مشاريع تخدم حاجاتكم، لا فقط رغبات الشمال. اصنعوا مجالاتكم الخاصة حيث يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي رافعة لا عائقًا. راقبوا العالم، افهموا سلاسل القيمة، وقرروا بسرعة أين تريدون أن تلعبوا.
أغلق الجزائري صحيفته، مدركًا أن «أبوكاليبس الوظائف» في الشمال لا يُترجم آليًا إلى الجنوب. هنا، الخطر ليس تدمير وظائف قائمة، بل غياب الإدماج في سلاسل القيمة العالمية الجديدة. أبوكاليبسنا الحقيقي هو أن نبقى متفرجين. الشمال يناقش إعادة التأهيل، ونحن يجب أن نناقش الإدماج.
قبل أن يختفي، أطلق الغول تحذيرًا بلهجة مهيبة:
«الوقت يداهمكم. إذا لم تحددوا استراتيجياتكم الرقمية، إذا لم تستثمروا في المهارات والبنى التحتية، ستفوتكم نافذة الفرصة. الذكاء الاصطناعي ليس قدرًا محتوماً: يمكن أن يكون رافعة، لكن فقط إذا قررتم استخدامه لحاجاتكم الخاصة.»