B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

رقمنة القضاء تحت الشبهة: محامو الجزائر يخشون تحوّل المنصة الإلكترونية إلى أداة تحكّم

M Iouanoughene 10 ديسمبر 2025

مازالت وزارة العدل في حالة تجاذب مع المحامين، سعيا منها لمراقبة هذه المهنة الحرة وبالتالي الحلقة الوحيدة في المنظومة القضائية التي لا تخضع لوصاية السلطة التنفيذية.

أصدرت منظمة محامي سطيف، مداولة تلزم المحامين الأعضاء بالتسجيل في المنصة الالكترونية التابعة لوزارة العدل حول التقاضي الالكتروني. كما تلزمهم ب”أخذ الرقم السري الخاص بكل محامي من المجلس”.

وتضيف المداولة أن المحاكم التابعة لمجالس قضاء سطيف وبرج بوعريريج ومسيلة “لن تقبل دفع المصاريف القضائية بما في ذلك رفع الدعاوى والاستئناف والخبرات إلا بواسطة الدفع الالكتروني لجميع الخدمات ويمنع الدفع نقدا”، وذلك إبتداء من 18 جانفي القادم.

وفي الأخير أخبرت منظمة سطيف محاميها أن “التقاضي أمام المجالس الثلاثة إلكترونيا في المادة المدنية بصفة إلزامية”.

خلفية المذكرة

هل مذكرة منظمة محامي سطيف هي مبادرة معزولة أم ستمتد لكل المنظمات؟ التقارير الإعلامية التي تناولت الخبر، تحدثت عن مداولة للاتحاد الوطني لمنظمات المحامين.    Maghreb Emergent إتصلت بالعديد من المحامين لمعرفة رأيهم في الموضوع، ونفى كل هؤلاء إطلاعهم على المداولة أو الحصول عليها. محامي نفى قطعيا وجود مثل هذه المداولة، قائلا “ما دخل منظمة المحامين في التسجيل في منصة وزارية أو طريقة الدفع… هذه منظمة تمثل المحامين ولا تمثل الإدارة”.

في حين محامي آخر قال أنه لم تصله ولم يطلع عليها، لكن زملاءه أخبروه بوجود مداولة في هذا الاطار، معبرا عن سخطه كون ممثلي المحامين أصبحوا يجهلون مهامهم”. في حين قال محامي آخر “هذه المداولة صدرت عن منظمة سطيف ولا وجود لها على مستوى منظمتنا”.

حاولت Maghreb Emergent الاتصال بنقيب منظمة سطيف، براهيم تايري، لكن هذا الأخير لم يرد على اتصالاتنا. وعلمنا من المحامين الذين تمكنا من الاتصال بهم، أن وزارة العدل نظمت ملتقيات عديدة حول التقاضي الرقمنة والتقاضي الالكتروني والدفع الالكتروني، تنفيذا لتوصيات الأمم المتحدة في هذا المجال، خاصة توصية 51- 162 لعام 1996 وتوصية 12/12 لعام 2001.

لماذا رقمنة القضاء بطيئة

لكن وزارة العدل الجزائرية تواجه عراقيل تشريعية وعملية لرقمنة العمل القضائي. فكان لا بد من إصدار القوانين التي تعترف بالتصديق الالكتروني والوثائق الالكترونية… وحتى إن صدرت النصوص القانون في هذا المجال، فإن تنظيم المجال الالكتروني في الجزائر مازال متأخرا.

وبخصوص التقاضي الالكتروني، يقول محامي “المحامي عندما يحرر مذكرة يؤشر عليها بدمغته ويلصق طابع جبائي… سألنا ممثلي الوزارة كيف سنضع دمغتنا على مذكرة إلكترونية وأين سنلصق الطابع البريدي؟ وكان الجواب أن الوزارة لم تفكر في هذه التفاصيل التقنية”.

محامي آخر يطرح إشكالية إحترام مبدأ علنية المحاكات وصدور الأحكام القضائية باسم الشعب. “إذا طبقنا الرقمنة بالطريقة التي تريدها وزارة العدل سيصبح التقاضي في بلادنا ذات طابع طائفي، حيث لا يطلع على مجريات المحاكمات إلا شبكة صغيرة من الفاعلين في سلك القضاء. أين مبدأ علنية المحاكمات من الاعراب في هذه الحالة؟” يقول محدثنا.

نفس المحامي لا يرى أي إشكال في دفع المصاريف القضائية إلكترونيا، لكن المشكلة هنا أيضا ليست على مستوى المحامين، بل على مستوى الإدارة القضائية التي لا تتوفر على آلات الدفع الاكتروني، زيادة لمشاكل شبكات الدفع الالكتروني التي لا تسمح للجزائريين بقضاء حاجاتهم بمجرد الضغط على زر في هاتفهم النقال وجهاز حاسوبهم.

يشك المحامون الذين تحدثت معهم Maghreb Emergent إذن في نوايا وزارة العدل، وإعتبروا مبادرة منظمة سطيف، “ما هي إلا محاولة للضغط على المحامين قصد التسجيل في منصتها الرقمية”، علما أن الوزارة سبق لها ان حاولت فرض تسليم بطاقية المحامين بمناسبة انتخابات منظمتهم الأخيرة، لكن المحامين رفضوا الاجراء وقاوموا تدخلات الإدارة في تنظيم تلك الانتخابات.