B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

طريق جزر البليار: يومية إلباييس تفنّد أطروحة «الابتزاز الجزائري»

Par Maghreb Emergent
28 أغسطس 2025

في الوقت الذي تكثر فيه اتهامات بعض الصحف الإسبانية اليمينية واليمينية المتطرفة ضد الجزائر، معتبرةً أنها «تستعمل» الهجرة نحو أوروبا كأداة ضغط، قدّمت يومية إلباييس (El País) قراءة مغايرة.

ففي تقرير مطوّل نشر يوم 28 أوت، أوضح هذا المنبر الإعلامي البارز في مدريد، المقرّب من التيار الوسطي اليساري والمصنَّف كأحد أهم الجرائد المرجعية في إسبانيا، أن لا وجود لأدلة على ما يُسمى «ابتزازاً جزائرياً بالهجرة».

ضغوط داخلية ومنطق شبكات

يشير التقرير إلى أن وصول المهاجرين من السواحل الجزائرية نحو جزر البليار قد تزايد هذا الصيف.

غير أن إلباييس لا يرى في ذلك استراتيجية سياسية متعمَّدة من طرف الجزائر، مؤكداً غياب البراهين.

ونقل عن مصادر شرطية إسبانية قولها: «لا توجد عناصر تدفع للاعتقاد بأن الجزائر تستعمل الهجرة كأداة ضغط». كما وُصفت العلاقات الأمنية والشرطية بين الجزائر ومدريد بأنها «ودية» و«فعّالة»، بعكس ما تروّج له بعض الصحف المحافظة.

ويُرجع التقرير هذه الظاهرة إلى عوامل داخلية بالدرجة الأولى. فمن جهة، ما زال جزء كبير من الشباب الجزائري يسعى إلى الهجرة.

ومن جهة أخرى، أصبحت الجزائر بلد عبور لآلاف المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء والمقيمين في جنوب البلاد، والذين ينتظرون فرصتهم لعبور المتوسط.

وتتداخل هذه الضغوط مع توسّع شبكات تهريب متنامية التنظيم، قادرة على تسيير رحلات «رفيعة المستوى» انطلاقاً من وهران بقوارب قوية، أو رحلات «منخفضة التكلفة» نحو جزر البليار انطلاقاً من محيط العاصمة الجزائرية.

عوامل مناخية وتحولات في طرق العبور

يلفت التقرير أيضاً إلى عوامل هيكلية غالباً ما تُهمَل في النقاشات السياسية، مثل الطابع الموسمي لرحلات العبور، الذي يشتد بين شهري أوت وأكتوبر، إضافة إلى إعادة رسم الطرق الإفريقية الكبرى للهجرة.

فليبيا، التي كانت بوابة الخروج الأولى نحو أوروبا، أصبحت أقل استعمالاً لصالح الجزائر التي تحوّلت إلى منفذ مباشر نحو إسبانيا.

«سلاح هجروي»؟ أطروحة مفنّدة

بعكس ما تروّج له الصحف اليمينية — التي تقارن الجزائر أحياناً بتركيا وتتحدث عن «استخدام ساخر للهجرة كسلاح ضغط» — يؤكد إلباييس أن الجزائر لم تجعل يوماً من الهجرة أداة من أدوات دبلوماسيتها.

لا يصرّح التقرير بذلك مباشرة، لكن خلافاً للمغرب — الذي استعمل ورقة الهجرة بوضوح وتمكّن من دفع بيدرو سانشيز إلى تغيير موقفه حول الصحراء — امتنعت الجزائر دوماً عن سلوك هذا النهج.

ويذكّر إلباييس بأنه حتى في ذروة الأزمة الدبلوماسية لسنة 2022، حين علّقت الجزائر مؤقتاً عمليات ترحيل رعاياها، لم تنقطع قنوات التعاون التقني مع مدريد.

بهذا الطرح، يبتعد إلباييس عن التبسيط الإيديولوجي. فهو لا يُرجع ارتفاع أعداد الوافدين إلى حسابات سياسية ضيّقة، بل يفسّر الظاهرة بتداخل عوامل ديموغرافية واقتصادية وإجرامية ومناخية.

بعيداً عن كليشيه «الابتزاز بالهجرة»، تظهر الجزائر كدولة تواجه بدورها هذه الضغوط، لكنها تبقى، في نظر السلطات الإسبانية نفسها، شريكاً أساسياً في إدارة ملف الهجرة غير النظامية.