B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

عمر بلحاج : عُيّن سفيرًا وهو على رأس المحكمة الدستورية ثم طلب الإعفاء ل”أسباب شخصية” أُي تفسير ؟

Par سعيد بودور
25 يوليو 2025

في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام، أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية يوم 19 جوان 2025 أن رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، طلب لقاء مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أجل إعفائه من منصبه، مُرجعة القرار إلى ما وصفته بـ”أسباب شخصية”.

هذا البيان الذي بدا عادياً في ظاهره، سرعان ما تحول إلى موضوع جدل واسع بعد الكشف عن معطيات متناقضة في السياق والتوقيت.

ففي الوقت الذي تم فيه إعلان الإعفاء يوم 19 جوان، كانت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية قد نقلت بتاريخ 17 جوان – أي قبل ذلك بـيومين – خبراً يفيد بموافقة الحكومة الكويتية على تعيين عمر بلحاج سفيراً فوق العادة ومفوضا للجمهورية الجزائرية لدى دولة الكويت.

الأمر الذي يطرح تساؤلاً مباشراً: كيف يتم تعيين شخص في منصب دبلوماسي وهو لا يزال يحتفظ بمنصب قضائي سامٍ دون صدور مرسوم رئاسي ينهي مهامه؟

الأكثر غرابة، هو أن وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أعلنت بتاريخ 10 جويلية أن وزير الخارجية الكويتي عبد الله يحيا، استقبل عمر بلحاج بصفته سفيراً رسمياً، الذي قدم له أوراق اعتماده، مما يُعني ضمنياً أن الحكومة الكويتية كانت على علم بتعيينه، وربما اعتمدت أوراقه، وهو لم يقدم بعد استقالته من منصب رئيس للمحكمة الدستورية، بينما لم تُصدر الجزائر آنذاك بعد إعلاناً رسمياً عن نهاية مهامه القضائية، ولا عن خلفه في المحكمة الدستورية.

ماذا وراء هذا التضارب ؟

التضارب في التواريخ والتصريحات يسلط الضوء على حالة من الغموض والالتباس المؤسسي، تتقاطع فيها السلطة القضائية والدبلوماسية بشكل مربك، ويفتح باب التأويلات بشأن مدى احترام مسار الانتقال في المناصب السيادية للدستور، خاصة عندما يتعلق الأمر برئيس المحكمة الدستورية، التي يفترض بها أن تكون الضامن الأعلى لاحترام القوانين والشرعية.

ويبقى السؤال الأهم: هل أصبح تعيين السفراء ومغادرة المناصب القضائية العليا يتم تحت غطاء “أسباب شخصية”؟ وهل من المنطقي والمنسجم مع روح الدستور أن يتم استقبال قاضٍ سامٍ في بلد أجنبي بصفة سفير، في حين لم يتم بعد إعلان إعفائه من منصبه الرسمي في بلده؟

وبعد فترة قصيرة، تم تعيين القاضية ليلى عسلاوي، التي كانت عضواً في المحكمة، كرئيسة جديدة للمحكمة الدستورية.

لكن هذا التعيين، رغم قانونيته لاحقاً، جاء بعد سلسلة من الأحداث المتضاربة، وكأن القرارات تُتخذ ثم يُبحث لاحقاً عن تأطيرها المؤسسي.

في خضم كل هذا، لا يبدو أن القضية تتعلق بمجرد انتقال وظيفي بين مؤسستين، بل بكيفية إدارة الدولة لمؤسساتها، ومدى التزامها بالوضوح، الترتيب الدستوري، والتواصل الشفاف مع الرأي العام.

غموض يدفع لطرح عديد الأسئلة، أهمها كيف يمكن لمحكمة تسهر على احترام الدستور، أن تقع في هذا اللُبس والانتهاك الدستوري !؟