B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

غيروا النظرة إلى العمال المهاجرين في الجزائر

Par Maghreb Émergent
12 مايو 2025
غيروا النظرة إلى العمال المهاجرين في الجزائر

""إن الاقتصاد الجزائري بحاجة إلى اليد العاملة المهاجرة"، لأول مرة، يعترف رئيس جزائري بذلك صراحة. فخلال زيارته إلى بشار، طرح الرئيس عبد المجيد تبون مسألة العمالة القادمة من إفريقيا جنوب الصحراء، لتظهر بذلك ملامح هجرة “مختارة” قد تكون قيد التبلور. والسبب في ذلك: عجز مزمن في الموارد البشرية في قطاعين رئيسيين على الأقل — الزراعة الصحراوية وقطاع البناء، على امتداد التراب الوطني.

هذا النقص أصبح بنيوياً مع مرور السنوات، ويُعوض جزئياً في منطقة رمادية قانونياً.

فغالبا ما تكون اليد العاملة القادمة من إفريقيا جنوب الصحراء، في وضع غير قانوني، حيث يتعرض العمال المهاجرون بانتظام للطرد بعد حملات مداهمة تنفذها قوات الأمن. أما المحظوظون منهم، فيُنقذهم مشغّلوهم في اللحظات الأخيرة. هذا الوضع يسبب أضراراً متكررة: عمال في وضع هش، أسر محرومة من الدخل، ورشات بناء متوقفة، ومحاصيل متأخرة.

ومع ذلك، فإن الإصلاح الذي يسمح بتغيير وضع العمال المهاجرين في الجزائر، ليس على وشك أن يُعرض على البرلمان. فهو، بحسب تصريحات الرئيس، مشروط بعودة الاستقرار إلى دولهم الأصلية، وخاصة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. فالدول الكبرى التي تعتمد سياسة الهجرة المختارة، نادراً ما تمر عبر اتفاقات حكومية؛ بل توظف مباشرة من خلال شبكاتها القنصلية مرشحي الهجرة. على سبيل المثال، استقطب كندا آلاف المهندسين والأطباء والمبرمجين الجزائريين دون أن تدخل في مفاوضات مع الحكومة الجزائرية.

ان الأمر لا يتعلق بأن تكرر الجزائر هذا النموذج غير المتكافئ. ولكن من الممكن تماماً تسوية أوضاع آلاف العمال الأجانب الذين يعملون في الخفاء، دون انتظار عودة مفترضة للنظام الدستوري في نيامي أو باماكو أو واغادوغو.

كما ان فوائد مثل هذا الإصلاح هي أيضاً دائرية، تتعلق بإدماج في الاقتصاد الرسمي، مساهمات ضريبية، تغطية اجتماعية، وتحويلات مالية إلى بلدانهم الأصلية. وقد أشار الرئيس نفسه إلى هذه المزايا في بشار.

فعلينا ايضاً النظر إلى الواقع الاجتماعي خلال هذا العقد المتوتر: مستويات المعيشة في بلد متوسط الدخل كالجزائر تجذب يد عاملة من إفريقيا جنوب الصحراء. والمفارقة أن هذه المستويات نفسها — غير الكافية كما يُظهر سعر الدينار الحقيقي — مقترنة بانعدام أمان قانوني متزايد، لا تُبقي النخب ولا تُعيد الكفاءات المهاجرة.

ويُضاف إلى ذلك مسار الجزائر الديموغرافي: فهي تقترب من العتبة الحرجة البالغة 2.1 طفل لكل امرأة. وفي هذا السياق، تصبح تسوية أوضاع المهاجرين وإصلاح سوق العمل أولوية اقتصادية عاجلة، وليست مجرد مغامرة سياسية من رئيس الدولة.

على عتبة التحولات العالمية

في ظل التحولات العالمية ، ليس هناك حتمية تضطر الجزائر لأن تكون محطة تستقبل من جهة عمالة غير مؤهلة، وتفقد من جهة أخرى مواردها البشرية الأكثر تأهيلاً. يجب عليها أن تعيد ضبط مؤشر جاذبيتها، دون أن تخطئ في فهم الاتجاهات الكبرى للاقتصاد العالمي.

قد يتباطأ التبادل التجاري في سياق الحماية الاقتصادية، لكن تنقل الكفاءات لا يتوقف. وقد ساهم هذا الأخير بشكل كبير في ازدهار دول الاستقبال — بما في ذلك الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، رغم معارضته المعلنة له.

الجدل الحالي حول الهوية، والتعامل المفرط معه قضائياً، لا يُعدّ الجزائريين لمناقشة مجتمع أكثر انفتاحاً، يتقبل موقعه ضمن حركة الكفاءات العالمية والتعددية الثقافية التي تصاحبها.

في عام 2023، شكّل العمال المهاجرون في المتوسط 7٪ من القوى العاملة في الاتحاد الأوروبي. وتختلف هذه النسبة بشدة بين الدول: فهي أقل من 3٪ في بولندا وبلغاريا ورومانيا، لكنها تتجاوز 25٪ في فرنسا وألمانيا. وليس المقصود القول إن المزيد من المهاجرين يعني المزيد من الثروة — فالرخاء عملية معقدة. لكن الدول الأغنى هي أيضاً الأكثر جذباً للكفاءات، ما يُضر بالدول المصدرة لها.

وبنسبة لا تتعدى 0.8 إلى 0.9٪ من العمال الأجانب في قوتها العاملة، تبقى الجزائر على هامش التدفقات الكبرى للكفاءات واليد العاملة التي تعيد تشكيل خريطة القوى الاقتصادية العالمية. فهل ستتمكن، بعد الانفتاح المبدئي في بشار، من التفكير أخيراً في هذا التحدي ؟

إحسان القاضي