B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

فاتورة كيميائية ثقيلة للجزائر… وإسبانيا تستغل الفرصة لتوسيع حضورها

Par Maghreb Emergent
30 سبتمبر 2025

رغم التوترات السابقة، يواصل المصدّرون الإسبان في قطاع الكيمياء توجيه اهتمامهم نحو السوق الجزائرية. البلاستيك التقني، المركّبات العضوية، تجهيزات التحويل: الجزائر تظل منفذًا استراتيجيًا، يتّسم بتبعية واضحة للواردات ومشاريع صناعية لا تزال في طور التشكّل.

أبدى الفاعلون الإسبان في قطاع الكيمياء اهتمامًا متزايدًا بالسوق الجزائرية، مدفوعين بانفراج نسبي في العلاقات التجارية بين البلدين. وقد كشفت ندوة إعلامية نظّمتها يوم 26 سبتمبر الفيدرالية الإسبانية للصناعة الكيميائية (Feique) بالتعاون مع الوكالة العمومية لترويج الصادرات الإسبانية (ICEX España Exportación e Inversiones)، عن احتياجات جزائرية متواصلة في مجالات محددة، رغم المشاريع الصناعية الكبرى التي لم تنجح بعد في تقليص التبعية.

ورغم التركيز على الجوانب التنظيمية والجمركية خلال الندوة، فإن ما برز فعليًا هو استمرار الطلب الجزائري على المواد الكيميائية الأساسية، خاصة في قطاعي البلاستيك والمركّبات العضوية.

تبعية هيكلية في قطاعات دقيقة

بين عامي 2020 و2024، سجّلت واردات الجزائر من المواد الكيميائية نموًا بنسبة 58%، متجاوزة عتبة 4.2 مليار يورو سنويًا. ويتركّز هذا النمو في قطاعات محددة : البوليمرات البلاستيكية (مثل البولي بروبيلين، PVC، PET)، المركّبات العضوية الأساسية (الكحول، الأحماض، المذيبات)، بالإضافة إلى الراتنجات والإضافات المستخدمة في التركيبات الصناعية.

و بحسب البيانات المنشورة خلال الدورة التاسعة من معرض بلاست الجزائر الدولي -Plast - Alger، الذي نُظّم من 24 إلى 26 فبراير 2025 في قصر المعارض بالصنوبر البحري، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لصناعة معدات البلاستيك (EUROMAP)، بلغت واردات الجزائر من المواد البلاستيكية الخام 1.095.000 طن سنة 2024، مقابل 304.000 طن سنة 2007، أي بزيادة تفوق 260%. وتحتل الجزائر بذلك المرتبة الثالثة إقليميًا بعد الإمارات ومصر.

أما واردات الجزائر من تجهيزات وتقنيات تحويل البلاستيك، فقد ارتفعت بنسبة 32% سنويًا بين 2020 و 2023، لتصل إلى 210 ملايين يورو سنة 2023، ما يجعل الجزائر ثاني أكبر مستورد إفريقي في هذا المجال.

المركّبات العضوية: نمو مستمر رغم التقلبات

تشير بيانات منصة TradeMap الدولية، التابعة لمركز التجارة العالمي (CCI)، إلى تطوّر ملحوظ في واردات الجزائر من المركّبات العضوية المصنّفة تحت الرمز الجمركي SH 29، والتي تشمل الكحول، الأحماض، المذيبات، الإسترات وغيرها. فقد ارتفعت قيمة هذه الواردات من 381.9 مليون دولار سنة 2020 إلى 574.2 مليون دولار سنة 2024، مع ذروة بلغت 681.6 مليون دولار سنة 2022، أي بزيادة إجمالية تفوق 50% خلال خمس سنوات.

إسبانيا: مورد قادر على التكيف

رغم التوترات الدبلوماسية التي شهدها عام 2022، والتي أدّت إلى تجميد مؤقت للتبادلات التجارية بين الجزائر ومدريد، حافظت إسبانيا على موقعها كمورّد رئيسي للجزائر في القطاعات الكيميائية المستهدفة. وتُقدّر صادراتها الكيميائية إلى الجزائر بأكثر من 600 مليون يورو سنويًا، منها حوالي 70% تخصّ المواد البلاستيكية والمركّبات العضوية.

وتستفيد الشركات الإسبانية من القرب الجغرافي، ومن خبرة تقنية في التركيبات المخصّصة، إضافة إلى شبكة لوجستية فعالة عبر موانئ فالنسيا وبرشلونة والجزيرة الخضراء. وقد ساهم رفع القيود البنكية في نوفمبر 2024 في استئناف تدريجي للتدفقات التجارية، خاصة في المنتجات ذات القيمة المضافة العالية.

مشاريع جزائرية قيد التشكّل

يتضمّن المخطط الخماسي الجزائري 2025–2029 عدة مشاريع هيكلية في مجال الكيمياء الأساسية، منها وحدة لإنتاج البولي-بروبيلين في أرزيو، ومنشأة لفصل المكثفات في حاسي مسعود، ومنصّات للتركيبات الصناعية في سطيف وغليزان. غير أن هذه المشاريع، رغم طموحها، لا تكفي في المدى القصير لتقليص التبعية. وتُعقّد القيود التقنية، وتأخر التنفيذ، ومتطلبات التحويل المحلي المفروضة على المستوردين، من إمكانية الاستغناء عن الواردات. وهو ما يفتح أمام الفاعلين الإسبان فرصة استراتيجية لتقديم حلول هجينة تجمع بين توريد المادة الخام والمرافقة الصناعية.

خلال هذه الندوة، شدّد عدد من المتدخلين على أن العلاقة الجزائرية–الإسبانية في القطاع الكيميائي يمكن أن تتطوّر نحو شراكة صناعية أكثر تنظيمًا. وإذا ما تجاوز الطرفان منطق الحذر والتعامل القصير المدى، فإنهما قادران على بناء تعاون فعلي في مجالات التحويل المحلي، والتكوين التقني، ونقل المعرفة.