من بين 100 طفل يلتحقون بالمدرسة للمرة الأولى، تسعة فقط يصلون إلى الجامعة والبقية يتوقفون عن الدراسة في مستويات مختلفة.
هذا الرقم يعود للسنوات التي كانت فيها نورية بن غبريط وزيرة للتربية، أي منذ ست سنوات، حسب مصادر نقابية طلبنا منها قراءة في نتائج إمتحان التعليم المتوسط. وحتى إن تطور الرقم خلال هذه الفترة فأكيد هو تطور بسيط لا يغير القاعدة، مثلما تظهره نتائج مختلف الامتحانات. ومفاد هذه القاعدة أن الأغلبية الساحقة من الجزائريين مستواهم الدراسي لم يتجاوز التعليم العام.
هناك أرقام أخرى كثيرة تدل على الحجم الكارثي للتسرب المدرسي في بلادنا. فحسب نفس المصادر النقابية، 30 بالمائة من التلاميذ الذين ينتقلون من الابتدائي إلى المتوسط يعيدون السنة الأولى من تجربتهم في الطور التعليمي الجديد عليهم. و40 بالمائة من التلاميذ المنتقلين إلى الثانوي يعيدون السنة الأولى من تجربتهم التعليمية الجديدة...
ونحن نناقش هذه الأرقام تدخل زميل وقال أن الوضع كان أسوا قبل بن غبريط، ويقصد في العقود الأولى من الاستقلال حيث كان معدل تلميذ واحد من قسم السنة الأولى الابتدائي يصل إلى الجامعة. الأمر كان مفهوما، لأنه يتعلق بنقص الإمكانات المادية، من إطارات بشرية ومقاعد بيداغوجية. أما نوعية التدريس فكانت جيدة، على الأقل بالنسبة للجيل الأول من المتمدرسين بعد الاستقلال مباشرة.
اليوم، بعد أكثر من ستين سنة من الاستقلال، لم ننته من إمتصاص النقص المادي والبشري ولم نحافظ على نوعية التدريس الذي كان بحوزتنا غداة الاستقلال. أكثر من ذلك، نحن بصدد مضاعفة الضغط على المقاعد البيداغوجية والموارد البشرية المتوفرة، من خلال آلاف السكنات التي ننجزها بمحاذاة قرى فلاحية. لسنا بحاجة لخبرة كبيرة في السوسيولوجية لنلاحظ آثار هذه السياسة في الواقع: مناطق إكتظت بالسكان وتفتقد المرافق الكافية لقاطنيها الجدد، بما فيها المرافق التربوية، وفي المقابل مدن وأحياء وقرى تتوفر على المنشآت التربوية وخالية أحيانا من المتمدرسين، مثلما هو حال قرى منطقة القبائل، أين يتم جمع تلاميذ مستويين في قسم واحد لقلة عددهم...
وبينما تكون المدارس العليا للأساتذة معدل 5000 أستاذ سنويا، قررت الحكومة تخفيض سن التقاعد لقطاع التربية، وإحالة أجيال كاملة من المربين والمعلمين والأساتذة على التقاعد دفعة واحدة. عدديا سيسمح تخفيض سن التقاعد بإمتصاص البطالة لدى الجامعيين، لكن نوعيا، هي ضربة أخرى قاسية لقطاع التربية، تقول مصادرنا النقابية التي ما فتئت تدعو للعودة إلى نظام المعاد التكنولوجية التي كانت تكون الأساتذة في كل الأكوار وفي كل ولاية منذ عقود من الآن.