أعلنت إدارة مركز التوثيق والأبحاث الاجتماعية (سي دي أو أس ) في وهران عن قرار إغلاق أبواب المكتبة نهائيًا نهاية شهر جوان المقبل، بعد مسيرة تجاوزت الستين عامًا في خدمة الثقافة والمعرفة.
القرار، الذي وُصف بالمؤلم، كُشف عنه في بيان صادر عن مدير المركز برنار جانيكو بتاريخ 3 ماي 2025، وأرجعه إلى تراجع أعداد القراء والمشتركين، وتفاقم العجز المالي الذي لم يعد من الممكن تحمله.
المركز، الذي تأسس في ستينيات القرن الماضي على يد المطران هنري تيسيي والمطران بيار كلافيري، لعب دورًا محوريًا في المشهد الثقافي والعلمي بوهران، خصوصًا في الأوساط الجامعية.
احتوى على أكثر من 35 ألف كتاب ووثيقة، ووفّر فضاءً للنقاش والتفكير والانفتاح، وكان من بين المؤسسات النادرة التي جمعت بين البعد الأكاديمي والإنساني.
لكن خلال السنوات الأخيرة، بدأ المركز يعاني من عزوف متزايد عن القراءة، وهي ظاهرة تفاقمت بعد جائحة كوفيد-19، حيث انخفض عدد المنخرطين إلى مستويات غير كافية لتغطية الحد الأدنى من التكاليف.
وأكد البيان أن جميع المحاولات لزيادة الإقبال لم تنجح، كما أن رفع قيمة الاشتراكات كان سيؤثر سلبًا على الفئات ذات الدخل المحدود، ما وضع إدارة المركز أمام خيار صعب: الإغلاق.
ورغم أن الجمعية الأسقفية بالجزائر دعمت المركز ماليًا لسنوات، إلا أن انسحاب أحد الشركاء الرئيسيين مؤخرًا عجّل بالأزمة.
مدير المركز عبر عن أسفه قائلاً: “التمويلات كانت محدودة، والقراء أقل، والضغوط المالية لا ترحم.”
هذا الإغلاق لا يُمثل فقط خسارة لمكان غني بالمعرفة، بل يعكس أيضًا أزمة ثقافية أعمق تعيشها المجتمعات العربية، حيث تتراجع مكانة الكتاب أمام أنماط استهلاك رقمية سريعة وسط غياب سياسات ثقافية فعّالة تشجع على القراءة.
ان رحيل مركز التوثيق والأبحاث الاجتماعية ، من شأنه ان يترك فراغًا كبيرًا في مدينة وهران، كما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل المؤسسات الثقافية المشابهة.
وبينما يأمل البعض أن تعود هذه المؤسسة للحياة من جديد، فإن الواقع يقول إن المهمة لن تكون سهلة في ظل استمرار هذا “العطش للقراءة”.
سعيد بودور
