B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

تجارة ال “كابا” تكشف الخلل القائم في مراكز القرار

Par M Iouanoughene
19 مايو 2025
تجارة ال “كابا” تكشف الخلل القائم في مراكز القرار

ذكر الرئيس عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء أمس، أن تنفيذ ومعالجة الملفات الاجتماعية الكبرى تجري بالتنسيق المباشر مع السيد الوزير الأول.

هل تعني هذه الملاحظة أن الوزراء يتصرفون فرديا في غياب التنسيق في العمل الحكومي أو ضعفه؟ يظهر سوء التنسيق هذا من خلال البيانات والبيانات المضادة التي ميزت تعامل السلطات العمومية مع ظاهرة تجارة ال"شنطة" أو "الكابا" كما يصطلح عليها الشارع الجزائري.

مجلس الوزراء قرر   تسوية وضعية هذه الفئة من التجار وتشكيل لجنة تدرس آلية إدماجهم القانوني وتحديد المواد المسموح لهم باستيرادها... بعد حملة دامت أسابيع حجزت فيها سلع وأتلفت سلع أخرى في العلن.

وزير التجارة الداخلية، نفى أن يكون قد أصدر تعليمات بشن حملة ضد تجار ال"شنطة"، وأرجع ذلك لمبادرة من مصالح المراقبة على المستوى المحلي، دون التنسيق مع السلطات المركزية.

لكن شهود عيان أكدوا ل "مغرب إميرجنت" أن الحملة قادتها فرق مشتركة تتكون من أعوان الأمن (درك أحيانا وشرطة أحيانا أخرى) بمرافقة أعوان المراقبة لمصالح التجارة. وفي هذه الحالة لا يمكن أن تكون هذه الإجراءات قد باشرتها مصالح التجارة على المستوى المحلي بمحض إرادتها. فهذه الأخيرة تقوم بمهامها الروتينية لمراقبة النوعية والفوترة... وتصدر عقوبات بالغلق المؤقت، حسب نوعية المخالفة التي تسجلها... ولا تحتاج لمرافقة أعوان الأمن في هذه الحالة.

أما أن تتنقل فرق مشتركة وعبر عدة مناطق من الوطن في فترة زمنية مشتركة لمراقبة نشاط تجاري معين، فهذا يخضع لتعليمات مركزية، تكون غالبا بالتنسيق ما بين الوزارات ومديريات مركزية مختلفة، كالجمارك والأمن الوطني والدرك الوطني...

"من هي السلطات المركزية التي أصدرت تعليمات بمحاربة تجارة ال"كابا

في اجتماع لوزير التجارة الداخلية، طيب زيتوني، بمصالحه بتاريخ 22 أفريل الماضي، أمر هذا الأخير بتكثيف المراقبة لاحتواء ظاهرة إستيراد السلع خارج إطار القنوات الرسمية، خاصة المواد الغذائية.ا

وبالعودة قليلا إلى السنوات الماضية، نجد عام 2022، عرف حملة مراقبة قطع غيار السيارات المقلدة. الحملة قادتها مصالح الدرك الوطني وأسفرت عن حجز مليوني قطعة غيار بقيمة 1,674 مليار دينار، عبر عدة ولايات، منها العاصمة وتيزي وزو وتيبازة وأم البواقي وباتنة... ا

وفي عام 2024، نشرت وزارة التجارة حصيلة مفصلة عن مراقبة النشاط الاقتصادي وقمع الغش، خاصة بالسداسي الأول من 2023. وسجلت هذه الحصيلة حجز ما قيمته أكثر من مليار دينار من السلع المختلفة ومنع 46 طنا من السلع من دخول التراب الوطني وتحرير أكثر من 100 محضر متابعة قضائية... ولا توجد حصيلة خاصة بالمستوردين الصغار أو ما يعرف بتجارة ال “كابا"، لكن الحصيلة لا تستثني هذا النوع من التجارة كذلك.

من خلال هذه الأرقام، يمكن أن نستنتج أنه لا توجد حملة خاصة موجهة ضد المستوردين الصغار، لكن وزير التجارة وجد نفسه مضطرًا للتنصل من عمل مصالحه في الميدان، أمام إرادة الرئيس عبد المجيد تبون في "استمالة الشباب" لسياسته، مثلما أبرزه فيديو منتشر في وسائل التواصل الاجتماعي حول الموضوع.

الفيديو نشرته قناة "يوتوب دي زاد" التي يصعب التأكد من هويتها، ويدافع عن قرار إدماج تجار ال “كابا" في الدائرة الرسمية، معتبرا إياه "إعلان حب" من الرئيس عبد المجيد تبون للشباب الجزائري الذي يواجه في المقابل "النظرة الاحتقارية من النخبة التكنوقراطية". ونال الفيديو الذي تم نشره مباشرة بعد صدور بيان مجلس الوزراء، أكثر من 46 ألف متابع في ظرف 18 ساعة. ا

وفي إحتمال آخر، قد تكون هناك حملة فعلية ضد المستوردين الصغار، تقودها مصالح الأمن التي لا تحتاج إلى رخصة من وزير التجارة للقيام بمهامها. ويكفيها تسخيرة من الولاة لتتنقل إلى مختلف المحلات التجارية مرفوقة بمصالح قمع الغش. وهو ما يفسر تصريح طيب زيتوني أن مصالحه بادرت بالتفتيش على المستوى المحلي دون وجود تنسيق على المستوى المركزي. لكن في هذه الحالة يكون الوزير قد تراجع عن تعليماته السابقة باحتواء نشاط الاستيراد خارج القنوات الرسمية.

من جهة أخرى أكد شهود عيان آخرون ل"مغرب إميرجنت" عن مئات من حالات الشطب للسجلات التجارية سجلت لدى مصالح المركز الوطني للسجل التجاري في الأيام الأخيرة في ولاية من ولايات الوطن. وإذا كانت نفس الوضعية قائمة في كل ولايات الوطن، فمن شأنها أن تقلق السلطات وتجعلها تشرع في البحث عن حلول عاجلة لوقف النزيف، وما محاولة تأطير المستوردين الصغار إلا حلقة بسيطة من حلَقات هذا القلق الذي يجعل السلطات ربما تتفطن أن السياسة القمعية ليست مفتاح النهوض الاقتصادي