B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

من الواحات إلى موائد العالم: “دقلة نور” في مهمة دبلوماسية ولجنة خاصة لتأمين العبور

Par S.Boudour
13 يونيو 2025
من الواحات إلى موائد العالم: “دقلة نور” في مهمة دبلوماسية ولجنة خاصة لتأمين العبور

أعلن وزير التجارة الخارجية كمال رزيق، عن تنصيب لجنة وطنية خاصة مكلفة بدراسة ظروف تسويق التمور الجزائرية في الأسواق الدولية واقتراح إجراءات لتحسين تنافسيتها . وتضم هذه اللجنة ممثلين عن الهيئات الحكومية المعنية إضافة إلى جمعيات ومنظمات مهنية في القطاع.

وقد أكد الوزير خلال حفل التنصيب أهمية هذه الخطوة لتحقيق أهداف تنويع الاقتصاد الجزائري عبر زيادة الصادرات خارج قطاع المحروقات، مشيدًا بتضافر جهود كافة الفاعلين في تعزيز قيمة هذا المنتج الاستراتيجي .

ودعا رزيق أعضاء اللجنة إلى العمل بـ«صرامة وفعالية» من أجل تحليل جميع الجوانب المتعلقة بتصدير التمور، ووضع آليات مناسبة لتحسين قدرة التمور الجزائرية - وخاصة صنف دقلة نور الشهير - على المنافسة في الأسواق العالمية، فضلًا عن فتح منافذ جديدة ذات قيمة مضافة عالية.

وينتظر أن ترفع اللجنة توصيات عملية لمعالجة عقبات التصدير مثل مشاكل التعبئة والتغليف وسلاسل التبريد والتهريب، بما يعزز حضور التمور الجزائرية عالميًا .

هذه الخطوة تندرج في إطار استراتيجية حكومية أوسع لرفع إيرادات صادرات التمور إلى 250 مليون دولار سنويًا وتوسيع الأسواق الخارجية من 57 إلى 150 دولة خلال السنوات المقبلة .

صادرات التمور الجزائرية في السنوات الأخيرة

شهدت صادرات التمور الجزائرية ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية. فوفقًا لبيانات وزارة التجارة، بلغت عائدات تصدير التمور نحو 50 مليون دولار عام 2021 بزيادة تقارب 20% عن عام 2020 .

واستمر النمو في الأعوام اللاحقة مدفوعًا بتوسع الإنتاج وفتح أسواق جديدة، حتى وصلت الكميات المصدّرة في سنة 2024 إلى حوالي 66.9 ألف طن بقيمة 108.4 مليون دولار وُجّهت إلى 57 بلدًا عبر العالم .

وتعدّ تمور دقلة نور العمود الفقري لصادرات الجزائر من التمور، إذ تمثّل بمفردها ما يزيد عن 84% من إجمالي التمور المصدّرة إلى الخارج .

ويأتي ذلك انعكاسًا لمكانة دقلة نور كإحدى أجود أنواع التمور في العالم وارتفاع الطلب الدولي عليها.

وإلى جانب دقلة نور، تسهم أصناف أخرى مثل “دقلة بيضاء” و”غرس” في ما تبقى من صادرات التمور، حيث تشكّل هذه الأصناف الثلاثة مجتمعة حوالي 90% من إنتاج التمور في الجزائر .

تجدر الإشارة أيضًا إلى أن الجزائر تعد من أبرز منتجي التمور عالميًا بأكثر من 18 مليون نخلة، وكانت سابع أكبر مُصدّر للتمور في العالم من حيث الحجم عام 2024 .

أبرز الأسواق المستوردة واعتراضات على دقلة نور

توزّع التمور الجزائرية في مختلف القارات، حيث استطاعت الوصول إلى عشرات الدول بفضل جودتها وتنوّع أصنافها. وتُظهر البيانات أن فرنسا تأتي في طليعة المستوردين للتمور الجزائرية، إذ استحوذت وحدها على نحو 28% من صادرات الجزائر من التمور عام 2022، تليها المغرب بحوالي 21%، ثم روسيا (7%) والولايات المتحدة الأمريكية (5%) وموريتانيا (5%).

كما برزت أسواق جديدة خلال السنوات الأخيرة؛ فعلى سبيل المثال، ارتفع حجم الواردات إلى دول آسيوية مثل الهند التي أصبحت ضمن أكبر زبائن التمور الجزائرية مؤخرًا .

هذا التنوع الجغرافي في الأسواق يعكس سعي الجزائر لاقتناص فرص جديدة وتعويض أي تراجع في بعض الأسواق التقليدية.

ورغم السمعة الجيدة التي تحظى بها دقلة نور الجزائرية عالميًا، فقد واجهت صادرات التمور بعض التحديات المرتبطة بالاشتراطات الصحية في الخارج.

ففي عام 2022 أثير جدل واسع بعد تقارير صحفية أفادت بأن جهات أوروبية – من بينها فرنسا – رفضت شحنة تمور جزائرية بعد تصديرها بدعوى معالجتها بمبيدات زراعية محظورة .

وزعم تقرير في صحيفة محلية آنذاك أن وزير التجارة قرر وقف تصدير تمور دقلة نور فورًا إثر إعادة شحنة تُقدر بـ3000 طن إلى الجزائر لعدم صلاحيتها للاستهلاك بسبب تلك المواد المحظورة .

وقد نفت السلطات الجزائرية صحتية هذه الأنباء بشكل قاطع؛ حيث أصدرت وزارتا التجارة والفلاحة بيانات رسميّة تفند «المعلومات المغلوطة» وتؤكد عدم تلقي الجزائر أي إخطار رسمي من الدول المستوردة برفض تمورها لأسباب متعلقة بالصحة النباتية .

كما شددت وزارة التجارة على أن جودة التمور الجزائرية مطلوبة على كافة المستويات الدولية ، في إشارة إلى الثقة بجودة دقلة نور وسمعتها الراسخة.

وأعقب هذه الحادثة تداعيات في بعض الأسواق المجاورة. فقد هاجمت في حملة غير مسبوقة ، جودة التمور الجزائرية ذلك الموسم، عازين الأمر إلى تقارير صحية أوروبية وأمريكية حذرت من احتوائها على مواد ضارة ومسرطنة بسبب استخدام مبيدات ممنوعة في زراعتها .

وأشارت تلك التقارير إلى أن هيئات سلامة الغذاء دعت المنتجين الجزائريين إلى التوقف الفوري عن استعمال المواد الكيميائية في معالجة التمور تفاديًا لمنع دخولها إلى الأسواق .

ورغم أن السلطات الجزائرية نفت تلقي أي إشعارات رسمية بهذا الشأن ، إلا أن هذه الادعاءات أثرت مؤقتًا على انسيابية الصادرات إلى بعض الدول المجاورة.

وتسعى الجزائر من خلال اللجنة الوطنية الجديدة إلى معالجة التحديات اللوجستية والصحية التي تواجه هذا القطاع الحيوي، والحفاظ على سمعة تمورها في الأسواق العالمية .

ورغم بعض العقبات المؤقتة وحملات تشويه المنتوج، من قبل جهات دولية، تؤكد السلطات أن التمور الجزائرية – وعلى رأسها دقلة نور – ما زالت تحظى بطلب مرتفع وثقة كبيرة عالميًا لما تتميز به من جودة ونكهة فريدة.