تؤكد نويل لونوار تحيّزها العنصري ضد الجزائريين، بينما تظل السلطات الرسمية في فرنسا صامتة. ويعبّر الجزائريون عن غضبهم، بدعم من فاعلين في المجتمع المدني الذين باشروا إجراءات قضائية.
قدمت الوزيرة السابقة نويل لونوار، رئيسة لجنة دعم بوعلام صنصال، “تصحيحًا” يؤكد تحيّزها العنصري ضد الجزائريين. ففي حين تظل الطبقة السياسية الفرنسية صامتة، بدأ فاعلون من المجتمع المدني إجراءات قضائية. ويشعر الجزائريون بالغضب إزاء الوصم العنصري الذي تبثّه وسائل إعلام مجموعة بولوري.
حافظت لونوار على تصريحاتها المثيرة للجدل ضد الجزائريين، مدعية أنها كانت تقصد “الآلاف” وليس “الملايين”، وأنها كانت تشير فقط إلى الجزائريين الذين صدرت بحقهم أوامر بمغادرة التراب الفرنسي (OQTF).
تصحيح يزيد الطين بلة
وفقًا لمنتقديها، فإن هذا التوضيح يؤكد التصريحات العنصرية التي أدلت بها يوم الجمعة على قناة CNews، حيث قالت لونوار: “ملايين الجزائريين […] قد يخرجون بسكين في المترو، أو في محطة، أو في الشارع، في أي مكان، أو يستقلون سيارة ويصدمون حشدًا”.
هذا التصحيح مروّع بقدر ما كانت التصريحات الأصلية. فكون الشخص خاضعًا لأمر مغادرة التراب الفرنسي لا يجعله مجرمًا. ويؤكد هذا الموقف الخلط بين الجنسية الجزائرية والخطر المحتمل. كما تدّعي لونوار أنها تعرّضت لتهديدات، في محاولة منها لعكس التهم.
تسامح تجاه شخصية “من الداخل”؟
في حين كانت ردود الفعل قوية من طرف العديد من الجزائريين وفاعلي المجتمع المدني، بقيت الطبقة السياسية الفرنسية، من الوسط إلى أقصى اليمين، صامتة إلى حد كبير. هذا الصمت يتناقض مع سرعة التفاعل المعتادة عند صدور أي كلمة خاطئة عن شخصية عربية أو مسلمة. ويُظهر غياب رد فعل من الحكومة الفرنسية مدى التسامح تجاه العنصرية عندما تأتي من شخصية مؤسسية.
كون لونوار وزيرة سابقة وعضوًا سابقًا في المجلس الدستوري، فهي جزء من “البيت”، ولم يُسجّل أي توبيخ رسمي. ولم تتناول وسائل الإعلام الكبرى في فرنسا الموضوع إلا بعد أن تقدمت جمعية SOS Racisme بشكوى تتعلق بالإهانة العلنية ذات الطابع العنصري. وفي شكواها المقدمة إلى النيابة العامة في باريس، أكدت SOS Racisme أن تصريحات لونوار “تستوفي الشروط اللازمة لتأهيل الجريمة كإهانة علنية بسبب الأصل أو الانتماء إلى عرق أو أمة أو دين”.
العنصرية ليست رأيًا
قدمت النائبة البيئية، من أصل جزائري، سابرينا صبايحي، شكوى إلى النيابة العامة في باريس بموجب المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية، مؤكدة: “إسقاط ملايين الجزائريين على أنهم مجرمون ليس رأيًا، بل جريمة. لا يمكن التسامح مع الكراهية والوصم”. وأضافت: “هذه الاتهامات تتجاهل تاريخ وشرف شعب قاوم الظلم. ملايين الجزائريين حاربوا الاستعمار، وواجهوا الإرهاب في عزلة دولية، وقدموا دماءهم ثمنًا للحرية”.
ووصف أحمد لاويدج، السيناتور الاشتراكي، تصريحات لونوار بأنها “بغيضة ولا توصف”. بينما ندّد إروان دافو، المستشار السابق في الإليزيه، بـ “انحراف إعلامي خطير يفرق بين أبناء البلد”.
CNews، قناة العنصرية المتكررة
تُشير قناة CNews، المملوكة لمجموعة بولوري، مرة أخرى إلى بث خطاب عنصري متكرر. وقد لجأت عدة جمعيات إلى القضاء وإلى Arcom (الهيئة المنظمة للاتصال السمعي البصري والرقمي) لمراقبة احترام القانون في وسائل الإعلام، خصوصًا فيما يتعلق بأخلاقيات المهنة ومكافحة المحتوى الكاره أو التمييزي. وفي ظل توتر العلاقات بين الجزائر وباريس، بلغت ظاهرة وصم الجزائريين ذروتها، خاصة في وسائل إعلام مجموعة بولوري.
عريضة لتنبيه المؤسسات
أطلق مجموعة من الباحثين والناشطين والمواطنين عريضة تطالب المدافعة عن الحقوق، ورئيس Arcom، والنائبة العامة للجمهورية في باريس، بإجراء تحقيق بشأن التصريحات العنصرية لنويل لونوار. وجاء في العريضة: “إسقاط جميع المواطنين الجزائريين على أنهم أشخاص خطرون يشكل وصمًا جماعيًا. هذه التصريحات جزء من خطاب كراهية على أساس الأصل الوطني، يمس كرامة ومساواة الملايين، في سياق استمرار التمييز العرقي في فرنسا”.
وتذكّر العريضة أيضًا بما تنص عليه القوانين، وتشدد على أن: “وسائل الإعلام السمعية البصرية، تحت مراقبة Arcom، ملزمة بعدم بث محتوى يحض على الكراهية أو العنف”. ويطالب مؤلفو العريضة بـ “زيادة اليقظة من قبل المسؤولين السياسيين ووسائل الإعلام لتجنب تطبيع مثل هذه التصريحات المخالفة للقيم الجمهورية”.
تتداول القضية الآن أمام القضاء وArcom. فهل يمكن تحميل شخصية عنصرية من داخل المؤسسات المسؤولية القانونية؟ الجزائريون في فرنسا في انتظار الإجابة…