84 ألف حافلة، حضيرة تكونت منذ أربعين سنة مضت، وبعض الحافلات خارج الخدمة أصلا.
أما تغييرها بالسعر الحالي للحافلات على المستوى الدولي، فإنه سيكلف أكثر من عشرة مليار دولار، ولن يكون قبل أقل من خمسة سنوات لاقتناء كل المركبات، و لو بالاعتماد على السوق الصينية.
ضف إلى ذلك استحالة تسديد أصحاب الحافلات الحالية لثمن المركبات من مداخيلهم التي تشبه حافلاتهم في البؤس، واستحالة إجبار البنوك على تمويلهم دون ضمانات تذكر.
والحل الذي اقترحت في وقته و ما زلت متشبثا به، يكمن في إعادة بعث الشركات العمومية للنقل الحضري في المدن الكبرى، بعشرة آلاف حافلة عصرية بتمويل عمومي، مع وضع شروط لخلق شركات خاصة كبيرة تعمل في باقي المدن الداخلية.
ويشترط على تلك الشركات، أن تكون حائزة على حضيرة عصرية كافية لتلبية حاجية مدينة من مائة ألف ساكن على الاقل، وإمكانيات صيانة قبلية و بعدية ذاتية، ومركز مراقبة للمراكب، مع شاحنة صيانة وجر المركبات المعطوبة لكل ثلاثين مركبة.
ويتعين أيضا على البنوك، تمديد آجال القروض إلى عشرسنوات تتماشى مع ثلثي مدة استهلاك العتاد الممول، وعلى الخزينة تحمل أعباء الفوائد المترتبة عند البنوك على تجديد الحضيرة الحالية.
اما في ما يخص أصحاب الحافلات الحالية، فهم فئتين، كلاهما في ورطة اقتصادية ووجودية، بفعل ثمن التذاكر الذي لا يتماشى و غلاء المعيشة، و لا يمكن رفعه نظرا لحالة الطبقة التي تستعمل الحافلات، دون دعم من الدولة.
لذلك الأفضل حصر الدعم في كيانات كبرى تلبي الطلب على نقل آمن و مريح، تطالب به عن جدارة نظير تلبيتها لشروط معينة. وهكذا سيجبر بعضهم على التخلي عن المهنة والعتاد، الغير الصالح اصلا، ويستلزم جرد بعضهم في أولوية التشغيل عند الشركات الكبرى المستحدثة لنفس النشاط.
أما الحافلات فعلى الدولة اقتناء تلك التي لا تتجاوز عشرة سنوات على أصحابها بسعر ما تبقى من عمرها، وحجز تلك التي تشكل خطر لصهرها كنفايات حديدية، نظير تشغيل أصحابها في نفس المناصب عند الشركات العمومية والخاصة الكبرى، بعد إعادة تأهيل ومراقبة السلوك.
السماح لكل مواطن بالعمل الشريف لتسديد حاجياته كبقية الخلق، لا يكون على حساب أمن الغير، ولا النظام العام، ولا حتى على حساب المحيط، بالمشهد البائس الذي تعرضه هذه المركبات على اعيننا وأعين زوارنا.
واكرر ان اي استثمار في نفس الهيكلة القديمة لقطاع النقل الحضري الجماعي، بنفس العقلية، والهيكلة و الأشخاص، لن يغير شيئ في المعادلة، وسوف يعيد نفس المشاكل إلى الواجهة، و نفس الحافلات المقززة ستكون في الواجهة قبل النهاية من اقتناء القسط الأول منها.
هذا القطاع قطاع هيكلي لا يمكن تجزئته إلى آلاف الجزئيات لا تحمل اي منها مكونات البقاء.
وكل المعطيات تملي علينا فعل ما تفعله الدول المتقدمة في المجال، أو العزوف عن الطموح في صفة دولة متقدمة ولو في المستقبل البعيد
لم نخترع شيئا يذكر في هذا المجال، ولا غيره من المجالات، فإما ان نفعل ما نجح به غيرنا، أو نستمر في تكريس واستنساخ نفس البدع.
إلى نهايات شبيهة بالبارحة