B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

مالي ترفع دعوى ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية: مناورة سياسية على خلفية فشل أمني؟

Par Maghreb Émergent
5 سبتمبر 2025

 أعلنت الحكومة المالية يوم الخميس 4 سبتمبر أنها قدمت طلبًا رسميًا لمحكمة العدل الدولية ضد الجزائر، متهمةً إياها بتدمير طائرة مسيّرة عسكرية مالية في الأول من أبريل الماضي، وواصفةً ذلك بأنه "عمل عدواني" و"انتهاك واضح للقانون الدولي".

وزارة الإدارة الإقليمية في مالي ندّدت بسلسلة من "الأعمال العدائية"، وصلت إلى حد اتهام الجزائر بـ"التواطؤ" مع الجماعات الإرهابية. الجزائر من جهتها رفضت هذه الاتهامات، مؤكدة أن بيانات الرادار التابعة لوزارة الدفاع "تُثبت بوضوح انتهاك المجال الجوي الجزائري" من قبل طائرة استطلاع قادمة من مالي.

وقع هذا الحادث في سياق متوتر، تخللته انتهاكات ضد المدنيين الماليين الذين فرّوا بأعداد كبيرة إلى الجزائر. ومنذ ذلك الحين، استدعى البلدان سفيريهما وأغلقا مجالهما الجوي المتبادل، مما عمّق القطيعة الدبلوماسية التي بدأت فعليًا منذ إعلان باماكو في يناير 2024 انسحابها من اتفاق الجزائر للسلام الموقع عام 2015.

انسحاب غير مثمر من اتفاق الجزائر

حتى الآن، لم تصدر الجزائر أي رد رسمي على هذه الدعوى، التي تبدو وكأنها محاولة من المجلس العسكري المالي لصرف الأنظار عن التدهور الأمني الداخلي. فبخروجه من إطار اتفاق الجزائر، واعتباره الطوارق الموقعين عليه "إرهابيين"، ساهم في تعقيد الوضع الأمني أكثر فأكثر.

النهج العسكري الذي تتبعه باماكو لم يحقق نتائج ملموسة، بل كثرت الاتهامات في وقت تتدهور فيه الأوضاع الأمنية على أراضيها. الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة (JNIM) وتنظيم الدولة الإسلامية كثّفت هجماتها، خاصة في مناطق موبتي، سيغو وغاو. المدنيون يُستهدفون بشكل مباشر، القوافل الإنسانية تتعرض لهجمات متكررة، والقوات المسلحة المالية تعاني في احتواء التمرد.

ورغم نشر قوات "أفريكا كوربس" — الكيان الروسي شبه العسكري الذي خلف مجموعة فاغنر — فإن النتائج لا تزال غير مرضية. أعمال العنف مستمرة، المناطق الريفية خارجة عن سيطرة الدولة، والمرتزقة الروس متهمون بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قبل عدة منظمات دولية.

دعوى قضائية بمصير مجهول

اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، رغم كونه خطوة قانونية، يبدو كأنه مناورة سياسية. فالمحكمة لا يمكنها النظر في النزاع إلا إذا اعترفت كلا الدولتين باختصاصها، ولا توجد مؤشرات على أن الجزائر ستقبل بذلك. وبدون اتفاق ثنائي أو بند قانوني في معاهدة يجيز هذا اللجوء، قد تُعرقل الإجراءات من بدايتها.

جوهر الأزمة يكمن في اختلاف جذري في طريقة إدارة الملف الأمني. الجزائر ترفض الحل العسكري والاستعانة بالمرتزقة الروس، وتعتبر أن وجود "أفريكا كوربس" لا يغير شيئًا بل يعرقل أي فرصة للحوار، الذي تراه السبيل الوحيد للخروج من الأزمة. هذا النهج يتعارض تمامًا مع استراتيجية مالي التي تبدو غارقة في منطق المواجهة والتصعيد.