315 جريمة قتل لنساء موثقة منذ عام 2019، 48 في عام 2024، و20 تم إحصاؤها بالفعل حتى أبريل 2025. في مواجهة هذا الواقع المقلق، تطلق الجزائر أول منصة رقمية وطنية لمكافحة العنف الجنساني. ولكن بين الوعد التكنولوجي والحماية الفعلية، لا يزال الطريق محفوفًا بالعقبات.
تُقدم منصة "حمايتي" (himayati.dz)، التي تم إطلاقها في 1 سبتمبر، على أنها أول منصة وطنية تتيح للنساء الإبلاغ عن حالات العنف والحصول على خدمات المساعدة مباشرة عبر الإنترنت. وتعد وزارة التضامن الوطني بـ "توفير رعاية شاملة" تربط بين الشرطة والعدالة والخدمات الصحية في جميع أنحاء البلاد.
بغض النظر عن الإعلانات، تشير الأرقام التي أحصتها صفحة "Féminicides Algérie" (جرائم قتل النساء في الجزائر) إلى وقوع 48 جريمة قتل لنساء في عام 2024 و315 منذ عام 2019. وفي عام 2025، تشير المتابعة المستمرة، بشكل مؤقت، إلى 20 جريمة قتل لنساء تم إحصاؤها حتى نهاية أبريل، مما يؤكد استمرار العنف.
التكنولوجيا في مواجهة الحواجز النظامية
تأتي هذه المبادرة في وقت تسعى فيه الجزائر إلى تحديث استجابتها للعنف القائم على النوع الاجتماعي. فمنذ عام 2015، يجرم القانون رسميًا العنف الزوجي والتحرش. ومع ذلك، لا يزال هناك بند إشكالي: ”شرط العفو“ الذي يسمح للضحايا بسحب شكواهن، مما يوقف الملاحقات القضائية تلقائيًا.
هذا البند، الذي تنتقده منظمات الدفاع عن حقوق المرأة، يعكس نهجًا لا يزال يعتبر العنف الأسري "مسألة خاصة" وليس جريمة عامة. والنتيجة هي أنه حتى مع وجود قناة إبلاغ جديدة، يمكن للضحايا أن يجدن أنفسهن في مأزق قانوني إذا غيرن رأيهن تحت ضغط عائلي أو اجتماعي.
وتوضح ناشطة من شبكة "Wassila-Avife"، التي تدعم الضحايا منذ سنوات: "لا يمكن لاستمارة إلكترونية أن تعوض مأوى آمن". وتواصل المنظمة عملها في تقديم المساعدة القانونية والنفسية، على أمل أن تضفي الحكومة الطابع الرسمي على علاقاتها مع المنصة الجديدة.
الوعود تحت اختبار الواقع
لا يكمن الاختبار الحقيقي لمنصة "حمايتي" في واجهتها، بل في قدرتها على تعبئة الموارد الملموسة بسرعة. كم من الوقت سيمر بين الإبلاغ والتدخل؟ كم عدد أماكن الإيواء العاجل المتاحة فعليًا؟ هل تم تكوين قوات الامن على التعامل مع هذه القضايا بالجدية اللازمة؟
لم تنشر الحكومة بعد مؤشرات لقياس هذه الجوانب العمالياتيه. فبدون بيانات عن عن مدة الاستجابة، أو معدلات الإيواء الآمن، أو عدد أوامر الحماية التي تم تنفيذها فعلياً، يظل من الصعب تقييم التأثير الحقيقي.
ومع ذلك، فإن هذه الشفافية ضرورية. تركز المنظمات الدولية مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على ثلاث ركائز لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل فعال: جمع البيانات، وتوجيه الضحايا، وضمان حمايتهن. ويبدو أن الجزائر قد تناولت الركيزتين الأوليين، لكن الركيزة الثالثة لا تزال الأصعب.
نظام دعم لا يزال هشًا
بعيدًا عن المنصة الحكومية، تواصل شبكة من المنظمات المستقلة توثيق العنف ومكافحته. تواصل صفحة "Féminicides Algérie" على رصد إحصائي دقيق، وهي تدرك أن أرقامها -المستندة إلى المصادر العامة والإعلامية- لا تعكس سوى جزء من الواقع.
يمكن أن تصبح هذه المجموعات شركاء ثمينين لمنصة "حمايتي"، بشرط أن تعترف الدولة رسميًا بخبرتها وتضع بروتوكولات للتعاون. في الوقت الحالي، تعمل كل منظمة في مجالها، دون تنسيق منهجي.
سيعتمد نجاح "حمايتي" أيضًا على الثقة التي ستوليها لها النساء الجزائريات. لا تزال الكثيرات يترددن في الإبلاغ عن العنف، خوفًا من انتقام الأسرة أو الوصمة الاجتماعية، أو عدم فعالية المؤسسات.
توفر المنصة الرقمية قدرًا من السرية، مما يسمح للضحايا باتخاذ الخطوة الأولى من منازلهن. ولكن هذه السهولة التقنية لن تكون كافية إذا كانت الخطوات التالية -التحقيق، والحماية، والإجراءات القضائية- تعيد إنتاج الاختلالات المعتادة.
تنضم الجزائر وهكذا إلى العديد من الدول التي تختبر الأدوات الرقمية لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتُظهر التجارب الدولية أن التكنولوجيا يمكن أن تحسن الوصول إلى الخدمات، لكنها لا تحل أبدًا محل الالتزام السياسي والموارد البشرية اللازمة لحماية الضحايا بشكل حقيقي.