B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

المصادقة على إتفاقية ستراسبورغ: الجزائر تلتحق بشبكة الشفافية الضريبية العالمية

Maghreb Eùergent 6 ديسمبر 2025

صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية المرسوم الرئاسي 25‑292، الذي يصادق على إتفاقية ستراسبورغ المتعلقة ب”المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الجبائية”.

الاتفاقية تعود لعام 1988 وهي معدَّلة ببروتوكول دخل حيز التنفيذ في 2011، وتصديق الجزائر عليها خطوة، تنتقل بموجبها من موقع المتفرّج إلى صفّ الدول المنخرطة في أكبر شبكة عالمية لتبادل المعلومات الضريبية، في وقت تبحث فيه البلاد عن مصادر جديدة للإيرادات وتقليص نزيف رؤوس الأموال.​

خطوة متأخرة في سباق دولي سريع

رغم أن الاتفاقية تعود إلى نهاية ثمانينيات القرن الماضي، فإن الجزائر لم توقّع عليها إلا في 2024 خلال حفل رسمي بمقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس، قبل أن تُستكمل إجراءات التصديق الداخلي عبر المرسوم الأخير. هذا التأخر لا يقتصر على الجزائر وحدها، بل يطبع مسار عدد من الدول النامية التي ظلت متحفظة لسنوات على الانضمام إلى منظومة يقودها نادي الدول الغنية ويُنظر إليها أحياناً كأداة لفرض معاييرها على باقي العالم.​

بالتصديق على الاتفاقية، تحصل الإدارة الجبائية الجزائرية على مفتاح يفتح أبواب التعاون مع أكثر من 140 دولة مشاركة، بما في ذلك ملاذات مالية ومراكز استثمار كبرى، ما يسمح بتتبع الأرصدة والحسابات التي يملكها مقيمون جزائريون في الخارج. ويمكن للجزائر أن تطلب معلومات تفصيلية عن شركات عابرة للحدود، وتشارك في عمليات تدقيق متزامنة، بل وتستعين بسلطات أجنبية لتحصيل ديون ضريبية عالقة، وهي آليات كانت غير متاحة أو معقدة للغاية قبل الانضمام.​

كلفة الانخراط في «نادي الشفافية»

غير أن الاستفادة من هذه الآلية لا تأتي بلا ثمن؛ فالاتفاقية تفرض معايير تقنية صارمة لتبادل المعطيات المالية وفق أنظمة مشفَّرة وآمنة، ما يستدعي تحديثاً عميقاً للبنية الرقمية لمصالح الضرائب وتكويناً متواصلاً للإطارات. كما أن التزامات السرية وحماية المعطيات الشخصية تفرض على الجزائر مراجعة ترسانتها القانونية وموازنة حاجتها للمعلومات مع واجب حماية حقوق المكلَّفين، في ظل تخوّف دائم من تسرب بيانات حساسة في سوق سياسية وإعلامية شديدة الاستقطاب.​

جزء من تأخر الجزائر في المصادقة يعود إلى هذه الهواجس السيادية، إذ ظلّت مترددة في القبول بتبادل واسع للمعلومات المالية مع شركاء غربيين تُطرح حولهم تساؤلات سياسية في ملفات أخرى. لكن ضغوط البيئة الدولية، من مجموعة العشرين إلى المنتدى العالمي للشفافية الضريبية، جعلت البقاء خارج المنظومة مكلفاً بدوره، مع تهديد ضمني بوصم الدول المتقاعسة كملاجئ محتملة للأموال غير المشروعة أو فرض تدابير تدقيق أشد على تعاملاتها المالية.​

أهم بنود الاتفاقية

تُعرّف الاتفاقية نطاق تطبيقها بأنها تشمل “معظم الضرائب على الدخل والأرباح والضرائب على أرباح رأس المال التي تحصل بشكل منفصل عن الضرائب على الدخل أو الأرباح”، بالاضافة إلى “الضرائب على الأصل الصافي التي تحصل لصالح دولة طرف” في الاتفاقية. كما تدخل ضمن المداخيل التي تراقبها الاتفاقية، “مداخيل الضمان االاجتماعي الالزامية” وكذا “الضرائب على المداخيل العقارية”… وتسمح للدول الأطراف بتحديد ما تُدرجه ضمن هذا النطاق من خلال تحفظات ترفقها عند الانضمام، مع إمكانية توسيعه لاحقاً.

وتتوسع الاتفاقية في باب التحصيل لتُمكّن دولة طرف من طلب مؤازرة نظيرتها في استرجاع الديون الضريبية والغرامات والفوائد، بما في ذلك اتخاذ إجراءات تحفظية على أموال المدين داخل الدولة المساعدة، إضافة إلى خدمة التبليغات الرسمية للوثائق الضريبية عبر الحدود. في المقابل، تضع نصوص الاتفاقية عدداً من الضمانات والقيود؛ إذ تشترط أن تكون المعلومات المطلوبة “ذات صلة متوقعة” وليست جزءاً من “صيد عشوائي” للبيانات، وتؤكد على الطابع السري للمعطيات المتبادلة وعدم استعمالها إلا للأغراض الضريبية أو في مجالات أخرى متفق عليها صراحة.

و تُجيز الاتفاقية للدول رفض طلب المساعدة إذا اعتبرت أنه يمس بسيادتها أو نظامها العام، أو يفرض عليها القيام بإجراءات لا يجيزها قانونها الداخلي، أو يقتضي كشف أسرار تجارية أو مهنية أو معلومات ترى أن إفشاءها يضر بمصالحها الأساسية.