B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

هل تُريد الدولة استثماراً أم سجناً؟ دعوة صريحة لوقف تجريم التسيير في الجزائر

سعيد بودور 28 ديسمبر 2025
العاصمة الجزائر.

رافع رئيس مجلس التجديد الاقتصادي، كمال مولى، اليوم السبت بالجزائر العاصمة، من أجل نزع الطابع الجزائي عن أعمال التسيير، محذّراً من أن استمرار المقاربة العقابية يشكّل عائقاً مباشراً أمام المبادرة الاقتصادية والتنافسية.

وجاءت مرافعة مولى خلال ملتقى حول الأمن القانوني وأثره على التنمية الإقتصادية، المنعقد تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حيث اعتبر أن تجريم فعل التسيير يؤدي عملياً إلى تعطيل مبادرات المتعاملين الاقتصاديين وشلّ قراراتهم.

وأكد مولى، في كلمة قرأها نيابة عنه نائب الرئيس رضا حشلاف، أن نزع الطابع الجزائي عن أعمال التسيير لا يعني التساهل أو الإفلات من العقاب، بل يهدف إلى ترسيخ تمييز واضح بين الخطأ المدني القابل للتصحيح والمعالجة، والمخالفة الجزائية التي تستوجب العقوبة.

وأوضح أن اعتماد عقوبات إدارية أو مالية بدل العقوبات السالبة للحرية في حالات الأخطاء غير المتعمدة يمنح المسيرين هامش أمان، يسمح لهم باتخاذ مخاطر محسوبة لتحقيق النمو دون الخوف من المتابعات الجزائية عند كل قرار أو إمضاء.

وفي السياق نفسه، شدد رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين العموميين بالنيابة، ناصر سايس، على أن استقرار القواعد القانونية يمثل عاملاً حاسماً في تعزيز الاستثمار وتوفير بيئة آمنة لاتخاذ القرار داخل المؤسسات الاقتصادية.

واعتبر سايس أن فعل التسيير هو جوهر أداء المهام واتخاذ القرار، ويقوم على التقدير المهني والخبرة والمسؤولية والمصلحة العامة، مؤكداً أن أي قرار يجب أن يُتخذ بحرية وإرادة داخل إطار الصلاحيات القانونية، دون تدخلات خارجية.

وأشار إلى أن فعل التسيير بطبيعته قد يخطئ أو لا يحقق النتائج المنتظرة بفعل تغير الظروف والعوامل، ما قد يؤدي إلى خسائر متفاوتة، وهو أمر لا يمكن تجريمه تلقائياً.

واعتبر أن تبني مبدأ المخاطرة المرتبطة بفعل التسيير ورفع التجريم عنه يعد من ركائز الحوكمة الرشيدة، ويساهم في تحسين أداء المؤسسات وتحرير روح المبادرة والإبداع الجماعي، بما ينعكس إيجاباً على مناخ الأعمال.

وشدد سايس على أن رفع تجريم أخطاء التسيير لا يعني التسيّب أو التنصل من المسؤولية، بل يندرج ضمن مقاربة وقائية تميّز بوضوح بين الخطأ الإداري غير المتعمد المرتكب بحسن نية، وبين الأفعال القائمة على سوء النية والفساد ومخالفة القانون الجزائي، والتي يجب محاربتها دون تهاون.

وخَلُص المتدخلون إلى أن هذا التمييز يشكّل شرطاً أساسياً لحماية المسيرين، وفي الوقت نفسه حماية المال العام والاقتصاد الوطني، بعيداً عن منطق الخلط بين الخطأ والجرم.