B E R H G A M

T N E G R E M E

أخبار دولية

دول الساحل والأزمة الجزائرية المالية: توقع الانفراج بعد عام كارثي

محمد إيوانوغن 30 ديسمبر 2025
الأزمة الجزائرية المالية مؤشر إنقلاب موازين القوى الجهوية

تصعيد الجماعات الإرهابية وإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، هما الصورتان البارزتان في الساحل الافريقي لعام 2025. وسط هذا المشهد، تعبر الأزمة الديبلوماسية الجزائرية المالية عن قطيعة هيكلية مع نظام قائم منذ عقود، يعيش مرحلة الانحلال.

“أصبحت منطقة الساحل بشكل عام، مسرحا للإرهاب العالمي، حيث سجلت أكثر من 2000 عملية إرهابية خلال 2025، وحكومات دول الساحل في قفص الاتهام، خاصة مالي وبوركينافاسو، كونها لا تتحكم إلا في ربع تراب بلادها” يقول أكرم خريف، مدير موقع “Mena Defense“.

هذه الوضعية جعلت الجماعات الإرهابية تحاصر العاصمة المالية بماكو في الأشهر الأخيرة من العام الجاري، ومنعت عليها التموين بالوقود. ومع ذلك واصلت مالي والنيجر وبوركينافاسو سياسة العزلة التي تبنتها منذ بداية العام بالانسحاب من المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا CEDEAO.

الهروب إلى الأمام

وأكثر من ذلك، إنسحبت من منظمة الفرانكوفونية ومحكمة العدل الدولية، لترسم تحولا جيوسياسيا، تاريخيا، حيث أدارت ظهرها نهائيا للقوة الاستعمارية القديمة، الممثلة في فرنسا، والغرب بشكل عام، لصالح الحليف الجديد المتمثل في روسيا. لكن بالنسبة لأكرم خريف “روسيا لم تسجل تقدما كبيرا في المنطقة عام 2025” مكتفية ب”دور محتشم”، بعدما توقف تقدمها الذي حققته عام 2023، من خلال السيطرة على مدينة كيدال ومدن أخرى شمال مالي. “لقد فشلوا في الوصول إلى تن زاواتين، وأصبح حضورهم في شمال مالي صعب التبرير سياسيا وإجتماعيا بينما حضور روسيا في بوركينافاسو يفتقد للفعالية” يضيف أكرم خريف.

كل هذا لم يمنع حكومات مالي والنيجر وبووركينافاسو من إعلان تأسيس قوة تحالف دول الساحل، في ديسمبر الجاري. وهي قوة تتكون من 5000 فردا، تعتبرها ك”تتويج لمسار سيادي”، لكن الخبراء متشائمون بخصوص قدرة هذا التحالف العسكري، لترفع تحدي إسترجاع الاستقرار الذي فشلت فيه جيوش المنطقة منذ 20 سنة.

الأزمة الديبلوماسية مع الجزائر: إنعكاس لانقلاب موازين القوى التقليدية

كل شيئ بدأ في الفاتح أفريل الماضي: الجزائر أعلنت عن إسقاط طائرة درون تابعة للجيش المالي (من صنع تركي) بسبب إختراقها المجال الجوي الجزائري. مالي نفت ذلك وقررت سحب سفيرها بالجزائر. وسارت دول تحالف الساحل على نفس الطريق بسحب سفرائها، والجزائر ردت بالمثل، وأغلقت مجالها الجزي أمام كل الطائرات المتوجهة نحو مالي. كما أحكمت القبضة على حدودها البرية بشكل شل نشاط جماعات تهريب المواد الغذائية والوقود، لتزداد عزلة مالي أكثر وتزداد حدة أزمتها الاقتصادية والاجتماعية.

ولا يستبعد أكرم خريف أن يكون هناك “تقدما سياسيا” في الساحل وشمال مالي، بشكل خاص، العام القادم. لكن حاليا “هناك تحالف ظرفي بين الجماعات الجهادية والمتمردين التوارق يجعل الوضع جد هشا”. وهذه الوضعية قد تساعد الجزائر على إستعادة دورها الريادي في المنطقة، وقد “أطلقت بعض المبادرات من خلال دعم مبادرة حكومة المنفى التي يعد الامام ومحمود ديكو أحد أعضائها” يختم أكرم خريف.

ويرشح عدة خبراء أجانب أن تكون الجزائر في وضع أكثر أريحية على مستوى الجبهة الجنوبيىة، خلال 2026. ومن بين مؤشرات ذلك، سعي الاتحاد الافريقي للوساطة بينها وبين دول تحالف الساحل، وتوجه نيامي نحو التهدئة مع الجزائر، عكس بماكو. زيادة لتقاربها مع روسيا، الذي يسمح لها بالحفاظ على مصالحها، دون الوقوع في التبعية لموسكو.