B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

المغرب وإسبانيا: لماذا لم يتجاوز سانشيز “خط ماكرون”

أسامة نجيب 5 ديسمبر 2025
بيدرو سانشيز ويولاندا دياز لا يتفقان حول مسألة الصحراء الغربية

عُقد الاجتماع الثالث عشر رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، يومي 3 و 4 ديسمبر، في جو من التحفظ غير المعتاد. كانت الرباط تأمل في الحصول على دعم سياسي صريح لطموحاتها بشأن الصحراء الغربية، لكن مدريد اختارت حداً أدنى من الترتيبات، دون مؤتمر صحفي مشترك واكتفت ببيان مقتضب. يشير هذا الغموض، الذي استنكرته كل من اتحاد جمعيات الصحفيين الإسبان وجمعية مدريد للصحافة، إلى حذر محسوب.

يعكس هذا التحفظ التوازنات الهشة التي يجب على بيدرو سانشيز الالتزام بها. ويسلط الضوء على التوترات الداخلية لحكومته، والقيود الدبلوماسية الإقليمية، وحدود التقارب مع الرباط الذي ترفض مدريد المضي به إلى حد الانحياز للموقف الفرنسي.


إشارة يولاندا دياز القوية


جاءت الإشارة القوية الأولى من داخل السلطة التنفيذية الإسبانية نفسها. اختارت يولاندا دياز، النائبة الثانية لرئيس الوزراء وزعيمة ائتلاف سومار (SUMAR)، مقاطعة اللقاء ونشر رسالة نأي.

أكدت أن إسبانيا لا يمكن أن تتنازل ولو عن شبر واحد من الأراضي الصحراوية، وقرأت في مقطع فيديو قصيدة صحراوية،: «اليوم، يُعقد اجتماع رفيع المستوى في بلادنا مع المغرب، ونقولها بوضوح: لن نتنازل عن شبر واحد من أرض الصحراء… اليوم ودائماً، عاشت الصحراء حرة».
لم يشارك أي وزير من كتلتها السياسية في الاجتماعات، ما يوضح خلافاً عميقاً بين حزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE) بزعامة سانشيز، الذي التزم منذ عام 2022 بتقارب استراتيجي مع الرباط، وقوى اليسار التي تعتبر هذا التحول خرقاً للقانون الدولي وخيانة للشعب الصحراوي.


التوقعات المغربية…


اقترب المغرب من هذه القمة بهدف واضح: الاستفادة من سياق دولي مؤاتٍ. فقد فسرت الرباط قرار مجلس الأمن الذي تم تبنيه في أكتوبر، والذي أحاط علماً بخطة الحكم الذاتي، على أنه دعم ضمني. وكانت الصحافة المغربية تعلن أن المملكة ترغب في أن تنحاز إسبانيا إلى الموقف الفرنسي، الذي يعترف صراحة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. ووفقاً لصحيفة إل إندبندينتي، حاولت الرباط الحصول على اعتراف سياسي من سانشيز مقابل تنازلات في ملفات حساسة تتعلق خاصة بجزر الكناري. لكن مدريد لم تقدم أي شيء من هذا القبيل.

على الرغم من الضغوط، لم يتجاوز بيدرو سانشيز “خط ماكرون”، الذي لا تزال آثاره على العلاقة بين باريس والجزائر وخيمة. وإذ ظل وفياً للتحول الدبلوماسي لعام 2022، فقد حافظ على موقف متوازن يتمثل في دعم خطة الحكم الذاتي دون الوصول إلى حد الاعتراف بالسيادة. واقتصر الإعلان الختامي على الإشادة بقرار الأمم المتحدة ولم يقدم أي التزامات جديدة بشأن الملفات الحساسة مثل ترسيم الحدود البحرية حول جزر الكناري، والمجال الجوي للصحراء، أو إدارة الموارد الطبيعية.


جمود إسباني محسوب


يُفسَّر هذا التحفظ بعدة عوامل. فمن شأن اعتراف كامل وكلي بالصحراء المغربية أن يثير أزمة فورية مع الجزائر، التي تُعد مورداً رئيسياً للغاز وشريكاً استراتيجياً لمدريد في الملفات الأمنية والهجرة. يتعين على سانشيز، الذي أضعفته قضايا فساد تطال محيطه، أن يتعامل أيضاً مع ائتلاف غير مستقر حيث يهدد ائتلاف “سومار” بانتظام بالانسحاب بخصوص هذا الموضوع.

ويراقب منتخبون من جزر الكناري بقلق التقارب مع الرباط ويعارضون بشدة أي مناقشة يمكن أن تؤثر على ترسيم الحدود البحرية أو استغلال الموارد الطبيعية. وأخيراً، ترفض مدريد تكرار التجربة الفرنسية، التي أدى انحيازها إلى الرباط إلى تدهور عميق في علاقاتها مع الجزائر.
القمة، بعيداً عن تجسيد تقدم حاسم، كشفت بالأساس عن حدود التقارب الإسباني المغربي. كانت الرباط تأمل في بادرة قوية، لكن مدريد عرضت موقفاً أدنى.

التحفظ الإسباني ليس ضعفاً بل هو استراتيجية بقاء دبلوماسي وسياسي، تهدف إلى الحفاظ على علاقتها مع الجزائر، والحفاظ على الائتلاف الحكومي، وتجنب أزمة في جزر الكناري. وبرفضه تجاوز “خط ماكرون”، يؤكد سانشيز أن إسبانيا لا تستطيع المضي أبعد من دعم خطة الحكم الذاتي دون تعريض توازناتها الحيوية للخطر.