مع اقتراب موعد الجلسة العامة لتنصيب أعضاء مجلس الأمة الجدد، يترقب المشهد السياسي في الجزائر اسم الرئيس الجديد للغرفة العليا للبرلمان، خلفًا لصالح قوجيل، الذي انتهت عهدته بعد ، أزيد من ست سنوات قضاها على رأس مجلس الأمة.
ويبرز ضمن قائمة المرشحين، النائب عزوز ناصري، الشخصية القضائية والمدنية البارزة ، شغل منصب عضو بالمجلس الدستوري ثم، الرئيس الأول للمحكمة العليا خلال فترة التسعينيات.
القاضي السابق، عزوز ناصري، من المُحتمل أن ينافس القاضي العسكري من نفس الفترة القضائية "تسعينيات. النائب العام الأسبق للمحكمة العسكرية بالبليدة ومدير القضاء العسكري لدى وزارة الدفاع الوطني، بلقاسم بوخاري.
من هو عضو مجلس الأمـة عزوز ناصري :
ولد عزوز ناصري في بيئة قانونية في أعلى مستوياتها. تولى عضوية المجلس الدستوري الجزائري في فترة تأسيسية هامة من أبريل 1989 إلى مارس 1995، تحت رئاسة عبد المالك بن حبيلس، قبل أن يخلفه السعيد بوشعير. وقد ساهم خلالها في وضع اللبنات الأولى لأرقى مؤسسة رقابية في البلاد.
لاحقًا، عُيّن رئيسًا أولًا للمحكمة العليا، ليكون ثامن رئيس يتولى هذا المنصب، وذلك من سنة 1995 إلى غاية 2001، وهو منصب قاده لمواجهة أولى المعارك الحقيقية في الدفاع عن استقلالية القضاء، لاسيما خلال الخطاب الشهير للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في 1999، والذي انتقد فيه أداء بعض القضاة، واعتبر أن “لدينا قضاة، ولكن ليس لدينا حكام”.
ورغم الصمت الذي خيّم على أروقة العدالة حينها، سجل التاريخ موقفًا مشرفًا لعزوز ناصري، حيث دافع عن المؤسسة القضائية في ندوة نظّمها مجلس الأمة شهر جوان 1999 حول استقلالية القضاء، منشورة في نشريات المجلس (ص. 83)، عندما تعرض القضاة يومها لإهانة من طرف رئيس الجمهورية السابق ، عبد العزيز بوتفليقة "الذي اتهم القضاة بالفساد.
محطات سياسية… من المعارضة السياسية لبوتفليقة إلى تعيينات رئاسية
بعد خروجه من أعلى هرم السلطة القضائية، لم يغب ناصري عن الساحة. فقد كان من بين المؤسسين الأوائل لحزب طلائع الحريات بقيادة علي بن فليس، وشارك في تأسيسه رفقة شخصيات وطنية معروفة مثل أحمد عطاف (وزير الخارجية حالياً) ، صليحة لارجان، عبد القادر زيدوك، وخالد دهينة، إلى جانب 200 شخصية من مختلف ولايات الوطن.
وفي فيفري 2022، عيّنه الرئيس عبد المجيد تبون عضوًا في مجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي، إلى جانب وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، في خطوة أعادت ناصري إلى واجهة العمل البرلماني، أين تم تكليفه بتمثيل الجزائر في عدة لقاءات مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في واشنطن.
وقد تم تكريمه رسميًا بتاريخ 10 مارس 2020 ضمن قائمة القضاة المحالين على التقاعد، تكريمًا لمسار طويل في خدمة القضاء الجزائري، بعد تلك الظروف التي غادر فيها القضاء في عدة الرئيس بوتفليقة.
السباق نحو رئاسة مجلس الأمة: ناصري في منافسة قوية
ويرتقب، أن تجرى جلسة انتخاب رئيس مجلس الأمة الجديد يوم الإثنين المقبل، خلال تنصيب الأعضاء الجدد الذين تم انتخابهم في تجديد النصفي يوم 9 مارس الماضي، وكذا الأعضاء الستة المعينين من قبل رئيس الجمهورية ، مؤخراً، ضمن الثلث الرئاسي.
وتُجرى هذه العملية وفقًا لأحكام المادة 133 من الدستور، والمواد من 2 إلى 5 من النظام الداخلي للمجلس.
ويُعد عزوز ناصري أحد أبرز المرشحين لخلافة صالح قوجيل، إلى جانب وجوه معروفة أخرى مثل: بلقاسم بوخاري، النائب العام لدى المحكمة العسكرية ومدير القضاء العسكري السابق بوزارة الدفاع. دحو ولد قابلية، المجاهد ووزير الداخلية الأسبق، المعروف بثقله السياسي والتاريخي. وعيسى بورقبة، مدير ديوان قوجيل سابقًا وعضو جديد بالمجلس ضمن الثلث الرئاسي.
وتكتسي هذه الانتخابات أهمية رمزية، إذ إن الرئيس الجديد للمجلس سيصبح الرجل الثاني في الدولة، في نظام يقوم على الثنائية البرلمانية، وسيضطلع بمهام دستورية حساسة في حال شغور منصب رئاسة الجمهورية.
حظوظ ناصري بين الشرعية المؤسساتية والتوافق السياسي
يمثل عزوز ناصري مرشحًا توافقيًا يحظى بالاحترام داخل أوساط القضاء والسياسة على حد سواء.
فهو رجل مؤسسات بامتياز، لم يُعرف بانتماء حزبي صارخ، مما يجعله خيارًا مطمئنًا لمختلف الأطراف، خاصة في ظل التوازنات السياسية الجديدة التي أفرزتها نتائج التجديد النصفي، والتي كرست ريادة جبهة التحرير الوطني بـ19 مقعدًا، تليها الأرندي بـ14، في مقابل تراجع واضح لحركة مجتمع السلم.
وفي انتظار الجلسة المنتظرة، تبقى الأنظار مشدودة نحو القبة العليا، حيث سيُحسم مصير رئاسة مجلس الأمة بين الخبرة القضائية، الثقل السياسي، والاعتبارات الاستراتيجية.