مع تعيينه ضمن الثلث الرئاسي من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عاد اسم النائب العام لدى المحكمة العسكرية بالبليدة ، ومدير القضاء العسكرى لدى وزارة الدفاع الوطني الأسبق، العقيد المتقاعد بلقاسم بوخاري إلى واجهة المشهد السياسي.
وفي وقت يتأهب فيه مجلس الأمة لاختيار رئيس جديد لمجلس الأمة (الرجل الثاني في نظام الدولة ) خلفًا لصالح قوجيل، الذي انتهت عهدته منذ أشهر دون انتخاب خليفة له حتى الآن.
ورغم عدم إعلان رسمي عن الترشيحات، إلا أن توقيت تعيين بوخاري، المعروف بخلفيته القضائية والأمنية الثقيلة، يطرح تساؤلات واسعة: هل يعود الرجل الذي لم يشغل قط منصباً في السلطة التشريعية، للمشهد عبر هرم السلطة التشريعية ؟
مسار حافل بالقضايا الأمنية والقضائية الحسّاسة
شغل بلقاسم بوخاري، منصب النائب العام العسكري لدى المحكمة العسكرية في البليدة خلال فترة حرجة من تاريخ الجزائر.
حيث كان أحد أبرز الوجوه في القضاء العسكري خلال التسعينيات، أين أشرف على ملف محاكمة قادة حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ “الفيس” المنحل عام 1992، واستدعى رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش ، وجلبه للمحكمة باستخدام القوة العمومية، برفقة وزير الداخلية الأسبق محمد الصالح محمدي للاستماع إليهما كشاهدين، بعد إلحاح من هيئة دفاع قادة الحزب المحظور، المكون من 45 مُحامياً.
كما قاد العقيد بلقاسم بوخاري جولات الحوار لوزير الدفاع السابق اليامين زروال وقادة جبهة الإنقاذ في سجن البليدة سنة 1994.
و أدار العقيد بوخاري جلسات استماع حساسة، بينها استجواب رئيس الجمهورية الراحل الشاذلي بن جديد في قضية مرتبطة باللواء مصطفى بلوصيف، واستمع إليه قاضي التحقيق في مقر إقامته، دون أن تُوجَّه إليه تهم مباشرة.
وفي جويلية من سنة 2000، أقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العقيد بلقاسم بوخاري من منصبه كمدير للقضاء العسكري لدى وزراة الدفاع الوطني ، ضمن حركة شملت ثمانية من كبار ضباط وزارة الدفاع.
وجاءت الخطوة في سياق رغبة بوتفليقة آنذاك في إحكام قبضته على جهاز الدفاع الوطني بعد توليه رئاسة الجمهورية سنة 1999، في قرار قال بيان رئاسي إنه يندرج ضمن “تجديد الطاقات البشرية في مؤسسات الدولة”.
وربطت تقارير وقتها القرار بخلاف بين بوتفليقة وبوخاري بشأن توقيف و محاكمة "العميل" للمخابرات الامريكية في الجزائر، المدعو بوعياد أغا، وهي القضية التي تباينت فيها الرؤى بين الجهاز القضائي المدني والعسكري.
من التعاقد ومهنة المُوثق إلى الحياة السياسية
لاحقًا، تقاعد العقيد بوخاري ، ليمتهن مهنة الموثق ببئر مراد رايس بالعاصمة الجزائر. و في أوت 2019، أُودع إبنه، فؤاد بوخاري ، السجن العسكري بالبليدة، ضمن حملة شملت عددًا من الضباط السامين، بأمر من نائب وزير الدفاع آنذاك الفريق أحمد قايد صالح.
لكن ابن العقيد السابق لم يمكث سوى 8 أشهر خلف القضبان، إذ أُفرج عنه بعد وفاة الجنرال قايد صالح، ليتم رد الاعتبار له.
وفي مؤشر على إعادة إدماج العائلة ، تم ترقية نجله، فؤاد بوخاري، إلى رتبة عقيد في مرسم وطني أشرف عليه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، السنة الماضية
منافس محتمل: عيسى بوركبة
ويطرح ،أيضًا تعيين الرئيس عبد المجيد تبون ، لعيسى بوركبة، مدير ديوان صالح قوجيل، كأحد المرشحين المحتملين لرئاسة المجلس، بعد تعيينه هو الآخر ضمن الثلث الرئاسي.
وجرت العادة والتقاليد ان رئيس مجلس الأمة يكون من نائباً عن الثلث الرئاسي، وليس عن النواب المنتخبين محلياً.
ويُعرف بوركبة بقربه من الكتلة الإدارية داخل المجلس، ما يجعله منافسًا جدّياً.
ومع ذلك، يبقى بلقاسم بوخاري أوفر حظًا، بالنظر إلى رمزية تعيينه وسيرته الحافلة، وتوقيت إعادة بعث مسارها العسكري في مسار سياسي حساس ، إلا إذا قرر أعضاء مجلس الأمة خلاف ذلك خلال جلسة التصويت، مع احتمال ترشح أسماء أخرى ثقيلة داخل المجلس، على رأسها وزير الداخلية الأسبق، دحو ولد قابلية.
ويظل منصب رئيس مجلس الأمة موقعًا محوريًا في هيكل الدولة الجزائرية، إذ يتولى صاحبه مهام رئيس الجمهورية في حال حدوث شغور في المنصب، ما يجعل اختيار الرئيس المقبل للمجلس لحظة سياسية دقيقة وحاسمة.
س.بُودور