B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

وزير الاتصال زهير بوعمامة يبتعد عن خطاب المؤامرة، لكن ماذا بعد؟

Par M Iouanoughene
17 سبتمبر 2025

قال وزير الاتصال الجديد، زهير بوعمامة، في خطاب استلام مهامه، أن "الوقت لم يعد كافي" لإعادة تنظيم الساحة الإعلامية وجعلها "أكثر نجاعة"...

يعلم الوزير أن مدّة توليه الوزارة قد تنتهي مع ظهور نتائج الانتخابات التشريعية المقررة منتصف العام القادم، ولذلك الوقت قصير أمامه لفعل أي شيئ. لكن النبرة التي تحدث بها الوزير توحي أنه مستعجل لتدارك التأخر المسجل في قطاع الاتصال. و لا ندري هل انطلق بوعمامة في تقييمه لحالة القطاع من معاينته الشخصية (بإعتباره أستاذ في مدرسة العلوم السياسية، جارة مدرسة الاعلام) أم أن سلفه محمد مزيان أخبره بأن الوضع كارثي بحاجة إلى حل استعجالي.

من خطاب الاكتفاء الذاتي إلى الاعتراف بالعجز

معروف عن محمد مزيان، الذي أبعد في التغيير الحكومي الأخير، ازدواجية الخطاب: فهو يعتمد خطابًا رسميًا ملحميا يلقيه في لغة عربية تقشعر لها الأجساد. وخطاب ثاني بعيد عن الميكروفونات والكاميرات، يعترف فيه بالواقع، مثلما حدث مع الصحفي رؤوف حرز الله الذي طلب منه عدم القلق عن منعه من السفر لأن 40 بالمائة من الجزائريين ممنوعين كذلك من السفر.

نعود إلى خطاب الوزير الجديد وإلتزامه ب "إعداد تقرير عن وضع المشهد الإعلامي الوطني". وإعتبر الإعلام التقليدي "لم يعد قادرا على مواكبة التدفق الهائل لمحتوى المنصات الرقمية". ورسم خطة استعجالية قائمة على "العمل الميداني، الاستماع، التقييم المرحلي، وتحديد الأهداف سويا".

الوزير الجديد تجنب إذن الوعود والتهديد، وفضل العموميات، ربما لأنه أكثر واقعية من سابقيه. حيث يعلم أن وزير الاتصال إنتزعت منه الصلاحيات منذ مدة. ونتساءل هنا كذلك: ما الجدوى من تغيير وزير الاتصال بما أن السياسة الاتصالية يتحكم فيها مسؤول آخر؟ هل الأمر يتعلق بالترقية الاجتماعية لأشخاص وجب أن يرد لهم الجميلأم ماذا؟

عشرات العناوين الإلكترونية مصيرها عالق بوثيقة غير قانونية

يبدو أن عن عجز الإعلام التقليدي عن مواكبة التدفق الهائل لمحتوى الإعلام الرقمي، هو انشغال الوزير الجديد وحده. حيث يختلف معه الوزير الأسبق وكل المؤسسات الرسمية التي افتخرت بنجاح الإعلام الوطني في إيصال وصت الجزائر لإفريقيا والعالم بمناسبة المَعْرِض التجاري الإفريقي. وأكثر من ذلك، تؤكد الرِّقابة الممارسة على وسائل الإعلام (خاصة الرقمية) في هذه المناسبة أن الجزائر حققت الاكتفاء الذاتي في تدفق المحتوى الإعلامي.

منظمو المَعْرِض أطلقوا منصة رقمية لتسجيل الصحفيين الراغبين في تغطية الحدث. وعندما تنفذ كل إجراءات التسجيل على هذه المنصة، لن تحصل على شارة الدخول إلا بإذن من وزارة الاتصال. وإذا اتصلت بوزارة الاتصال لتسأل عن الاذن، ستجد اسمك غير وارد في قائمة الصحفيين والمؤسسات المعتمدة من قبل الوزارة. حينها تسأل محدثك من الوزارة لماذا الاعتماد، بما أن القانون ينص على نظام التصريح؟ جواب ممثل الوزارة هو كالتالي "هناك أكثر من 50 عنوان موضوعاتي في مجال واحد، مصرح بهم لدى الوزارة. ماذا نفعل بكل هذه العناوين؟".

ولا تعلم الوزارة التي يشتكي وزيرها من قوة تدفق المحتوى الرقمي، أن عدد المنصات الإلكترونية اليوم لا تعد ولا تحصى في مختلف بلدان العالم. وهذا هو سر التدفق الكبير للمحتوى الذي نعجز عن مواكبته، زيادة على حرية التعبير التي تراجعت كثيرَا في بلادنا.

واجب تقييم دور وزارة الاتصال قبل وسائل الاتصال

ينتظر من الوزير الجديد إذن أن يقيم مهام وزارته وصلاحياتها ومبرر وجودها، قبل إجراء أي تقييم آخر. فمن الناحية القانونية تقع مسؤولية تنظيم قطاع الإعلام على سلطة ضبط السمعي البصري العاجزة على تطبيق القانون الجزائري على القنوات التلفزيونية الخاضعة للقانون الأجنبي، وتقع كذلك على سلطة ضبط الصِّحافة المكتوبة والإلكترونية التي لم يتم بعد تنصيبها.

وفي الواقع تتولى مهمة ضبط الساحة الإعلامية الوطنية مديرية الاتصال لرئاسة الجمهورية، بينما الوزارة تقوم باستلام ملفات وسائل الإعلام وتسجيلها. وتبقى هذه الأخيرة تنتظر متى تحصل على وصل التسجيل الذي يفترض أن يسلم آليا بمجرد إيداع المِلَفّ. وإلا فهو ليس وصل تسجيل، بل وثيقة أخرى لا وجود لها في القانون.