وقّعت الجزائر ورواندا، أمس الثلاثاء 3 جوان 2025، ثلاث عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم شملت قطاعات متعددة، وذلك خلال زيارة رسمية قام بها رئيس جمهورية رواندا بول كاغامي إلى الجزائر بدعوة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
أبرز ما حملته هذه الزيارة هو توقيع اتفاق بين حكومتي البلدين لإلغاء التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية ولمهمة، ما يعكس إرادة سياسية لتسهيل تنقل الإطارات وتعزيز التعاون الرسمي بين البلدين.
الاتفاقيات التي وُقعت شملت مجالات ذات طابع اقتصادي، علمي، إداري، وثقافي، من بينها مذكرة تفاهم تتعلق بأملاك الدولة والأسلاك، وأخرى في ميدان ريادة الأعمال، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والابتكار.
كما تم التوقيع على اتفاقية في مجال ترقية الاستثمار، تهدف إلى خلق بيئة مناسبة لتدفق رؤوس الأموال بين الجزائر ورواندا، إلى جانب اتفاق في مجال الصناعات الصيدلانية لدعم الإنتاج المشترك ونقل التكنولوجيا.
وشملت الاتفاقيات أيضًا مذكرات تفاهم في التكوين المهني، السياحة، الثقافة والفنون، فضلاً عن اتفاق يشمل التعليم العالي وتطوير التكنولوجيا والبحث العلمي، إضافة إلى برنامج تنفيذي للفترة 2025–2026 في قطاع التعليم العالي. وتم التوقيع كذلك على اتفاق يتعلق بالنقل الجوي ومذكرة شراكة اقتصادية لتوسيع المبادلات التجارية.
روندا الجديدة: نهضة فعلية
شهدت رواندا خلال تسعة عشر عامًا من حكم الرئيس بول كاغامي تحوّلًا تنمويًا جذريًا، قاد البلاد من آثار حرب أهلية مدمرة أودت بحياة نحو 800 ألف شخص، إلى واحدة من أكثر الدول استقرارًا وتقدمًا في إفريقيا.
أصبحت العاصمة كيغالي المدينة الأكثر نظافة في القارة، فيما احتلت رواندا المرتبة الأولى إفريقيًا في التنافسية الاقتصادية وفق تقرير “مؤشر التنافسية العالمية”، كما جاءت خامسًا عالميًا في مجال تطوير الطاقات المتجددة، واحتلت مراتب متقدمة في تسهيل مناخ الأعمال وتوفير القروض، وتعميم التغطية الصحية التي بلغت 98% من السكان.
ومؤخراً صدرت بيانات رسمية حديثة من المعهد الوطني للإحصاء في رواندا، أكدت تسجيل البلاد تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا ملحوظًا بين عامي 2016 و2023.
وأفاد تقرير “ أي سي في 7” بأن أكثر من 1.5 مليون رواندي خرجوا من دائرة الفقر، في ظل ارتفاع لافت لنسبة التغطية الكهربائية التي قفزت من 27% إلى 72%، وبلوغ التمدرس في التعليم الابتدائي نسبة 93%. كما ارتفعت نسبة المنازل المتصلة بالإنترنت من 17% إلى 30%.
وفي الجانب الصناعي، أظهر مؤشر الإنتاج الصناعي لشهر مارس 2025 نموًا بنسبة 5.0% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.
وسجل قطاع الكهرباء ارتفاعًا بنسبة 23.2%، في حين حقق التصنيع نموًا بلغ 1.7% مدفوعًا بزيادة في صناعة الأغذية والأثاث، رغم تراجع بعض الفروع مثل النسيج والجلود والطباعة.
أما في سوق العمل، فقد كشفت بيانات الربع الرابع من عام 2024 عن انخفاض طفيف في معدل البطالة واستقرار في معدلات المشاركة، في وقت شهد فيه القطاع الزراعي تحسنًا موسميًا نسبيًا في إنتاج المحاصيل الأساسية، رغم بعض التحديات المناخية.
في قطاع الصحة والتغذية، سجلت التقارير الرسمية تحسنًا في مؤشرات الأمن الغذائي وانخفاضًا في نسب سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، نتيجة لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتعزيز التغطية الصحية.
وتأتي هذه المعطيات في وقت تواصل فيه رواندا تنفيذ خططها التنموية الطموحة، متجهة نحو تحقيق أهداف التحول الاقتصادي الشامل بحلول عام 2030.
وتُعد الاتفاقيات الموقعة مع الجزائر جزءًا من سياسة الانفتاح التي تنتهجها كيغالي لتعزيز شراكاتها الثنائية مع دول القارة الإفريقية.
