B E R H G A M

T N E G R E M E

أحدث الأخبار

النزعات المعادية للجزائر في فرنسا: ورثة منظمة الجيش السري على وشك دفن ديغول

Par Oussama Nadjib
1 نوفمبر 2025
22 أوت 1962، منظمة الجيش السري (OAS) تحاول اغتيال ديغول. 30 أكتوبر 2025، أنصار لوبان يحاولون دفنه سياسياً

لم تصدر السلطات الجزائرية أي رد فعل على تبني الجمعية الوطنية الفرنسية، يوم 30 أكتوبر 2025، قرارًا تقدم به حزب التجمع الوطني، يهدف إلى إلغاء الاتفاقيات الفرنسية الجزائرية الموقعة سنة 1968. هذا الصمت ليس مفاجئًا، فالقرار لا يحمل أي طابع قانوني ملزم، ولا يؤثر مباشرة على الاتفاقيات التي وصفها الرئيس عبد المجيد تبون سابقًا بأنها "قوقعة فارغة". الجزائر لن تكون معنية إلا إذا قررت السلطة التنفيذية الفرنسية المضي في إلغاء الاتفاقيات بشكل أحادي.

لكن هذا النص، الذي تم تبنيه بفارق صوت واحد فقط، نتيجة الغياب المتعمد لنواب الأغلبية الماكرونية، وكذلك العديد من نواب اليسار، بمن فيهم نواب "فرنسا الأبية"، يكشف بالأساس عن الحالة السياسية التي تعيشها فرنسا. في خضم إعادة تشكيل المشهد البرلماني، تجد الجزائر نفسها مرة أخرى مستعملة كأداة في صراع داخلي فرنسي.

انهيار الحاجز الجمهوري

ورثة منظمة الجيش السري (OAS)، الذين حاولوا اغتيال الجنرال ديغول في الماضي، باتوا اليوم على وشك ابتلاع ما يسمى بـ"اليمين الجمهوري". هذا التحول ليس رمزيًا فقط. فحتى وقت قريب، كان حزب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقًا) معزولًا عن اللعبة البرلمانية بفعل "حاجز صحي" غير معلن. هذا الحاجز لم يعد موجودًا. نواب من حزب الجمهوريين وآخرون من حزب "آفاق" صوتوا إلى جانب اليمين المتطرف. هذا التصويت يمثل قطيعة تاريخية: حزب التجمع الوطني بات قادرًا على تمرير نصوصه، والجزائر أصبحت ميدانًا لتجريب هذا النفوذ الجديد.

عداء إعلامي أصبح مألوفًا

في المشهد الإعلامي الفرنسي، تبث بعض القنوات مثل CNews خطابًا مستمرًا يثير القلق ويشيطن الجزائر والمهاجرين. وزير الداخلية السابق، برونو ريتايو، تبنى خطاب اليمين المتطرف: "هجرة غير مضبوطة"، "ذاكرة استعمارية يجب إعادة كتابتها"، و"الطابور الخامس" الذي يمثله الفرنسيون من أصل جزائري. حتى معاشات المتقاعدين الجزائريين — التي اكتسبوها من خلال العمل والمساهمات — أصبحت تُعرض على أنها "عبء" على الدولة الفرنسية. عدد الأخبار الزائفة حول الجزائر كبير جدًا ويغمر الفضاء الإعلامي. هذا المناخ يهيئ الرأي العام لتقبل إجراءات قاسية.

قرار بدون أثر قانوني مباشر، لكن برسائل سياسية قوية

من الناحية التقنية، لا يغير القرار الذي تم التصويت عليه أي اتفاق أو قانون. لكنه يبعث برسالة واضحة: النقاش حول العلاقات الفرنسية الجزائرية أصبح مشروعًا ومؤسساتيًا، واليمين المتطرف هو من يحدد إطاره. رئيس الوزراء، سيباستيان لوكورنو، تحدث عن إمكانية "إعادة التفاوض" بشأن الاتفاقيات. هذا التحول في الخطاب، من الرفض إلى إعادة التفاوض، يُظهر أن الجزائر، مرة أخرى، تُستعمل كعامل محفز لإعادة تشكيل المشهد السياسي الفرنسي.

التصويت المتقارب (185 صوتًا مقابل 184) كشف عن خلل آخر: غياب نحو 200 نائب. في هذا السياق، تصبح الجزائر مرآة تكشف عن خلل في الديمقراطية الفرنسية. يتم استدعاؤها في نقاش لا يُناقش بجدية، وتُستعمل كذريعة لتحول سياسي دون أي توازن أو حوار.

تحول يجب الاستعداد له

في هذه القضية، ليست الجزائر هي موضوع النقاش، بل ما تمثله: الخوف من الآخر، رفض الهجرة، وإنكار الماضي الاستعماري. في هذه المرحلة التي يشهد فيها اليمين المتطرف صعودًا، تصبح الجزائر هدفًا لتلاعب دائم في الخطاب الفرنسي. من حرب الاستقلال إلى نقاشات عن الضواحي، ومن الحجاب إلى الهجرة، الجزائر هي الاسم الذي تطلقه فرنسا على مخاوفها الداخلية.

هذا التصويت ليس حدثًا عابرًا. إنه جزء من ديناميكية تطبيع اليمين المتطرف وتشدد الخطاب السياسي الفرنسي. على الجزائر والفرنسيين من أصل جزائري أن يستعدوا لفترة قد تتحول فيها العداوة إلى إجراءات ملموسة. وإذا تأكد هذا التحول، فستكون له تبعات عميقة على العلاقات الثنائية، وعلى الحياة اليومية لملايين من مواطنينا.